أحمد الياسري: إيران تحصّن نفوذها بأطواق النار.. واستهداف كردستان رسالة لإسرائيل وأمريكا

خاص
قال رئيس المركز العربي الأسترالي، أحمد الياسري، إن ما يُعرف باستراتيجية “أطواق النار” تمثل جوهر الرؤية الإيرانية في تطويق إسرائيل والوجود الأميركي في المنطقة، مشيرًا إلى أن هذه الأطواق ليست وحدات متشابهة في الوظيفة، بل إن لكل فصيل منها دورًا مختلفًا.
وأوضح الياسري في حديث لـ“منصة جريدة” أن “دور حزب الله وحماس يتمثل بإرهاق إسرائيل ومنعها من التفكير بالتوسع، بينما ينحصر دور الفصائل العراقية واليمنية في التفاعل مع التهديدات الإقليمية على مستوى أمني – سياسي أكثر تعقيدًا”.
وأضاف أن “إسرائيل استغلت تراجع حماس وحزب الله لتسريع تمددها نحو العمق السوري وضرب أهداف داخل إيران، وهو ما دفع طهران لتطوير أطواق النار الأخرى”.
وانتقد الياسري ما وصفه بـ”خطأ توحيد الساحات”، مشيرًا إلى أن “هذه النظرية تُستخدم عكسيًا من قِبل إسرائيل لضرب جميع ساحات النفوذ الإيراني، بما فيها العراق واليمن وسوريا ولبنان”، لافتًا إلى أن “القيادة الإسرائيلية تبنّت منذ سنوات استراتيجية كسر أطواق النار عبر استهداف الداخل الإيراني وبرنامجه النووي، باعتباره أصل النفوذ وليس الفصائل فقط”.
كردستان في مرمى الصراع
وحول استهداف كردستان مؤخرًا، يرى الياسري أن “الضربات الأخيرة تحمل بُعدًا استراتيجيًا، ليس لأنها موجهة ضد الإقليم فقط، بل لأنها رسائل غير مباشرة إلى إسرائيل والولايات المتحدة”.
وبيّن أن “إيران ترى في إقليم كردستان نقطة ارتكاز محتملة لأي فراغ قد ينشأ في حال اندلاع صراع مفتوح بين واشنطن والفصائل المسلحة، خصوصًا مع تنامي علاقاته مع إسرائيل وأمريكا وتركيا، وتوقيع عقود نفطية واستراتيجية قد تهدد بنقل الإقليم إلى فضاء مختلف عن الفضاء العراقي المركزي”.
وشدد الياسري على ضرورة “تنظيم العلاقة بين بغداد وأربيل وفق قواعد واضحة، بعيدًا عن صفقات تشكيل الحكومات، وفصل المسارات السياسية والمالية، لأن غياب الموازنة يُضعف الإقليم من جهة، لكنه قد يدفعه للتقارب مع خصوم إيران من جهة أخرى”.
كما حذّر من أن “فكرة توسيع استقلالية الإقليم قد تنعكس على مناطق كردية في دول أخرى، ما يدفع إيران لتوجيه الرسائل عبر العراق لتثبيت توازن الردع، وليس فقط لفرض العقوبات”.
رسائل الحريق الشامل
وختم الياسري تصوره بالتأكيد على أن “إيران تمتلك أدوات إشعال حريق إقليمي في حال تعرّض النظام فيها إلى تهديد وجودي، وأن الرسائل غير المباشرة تصل إلى إسرائيل وأميركا عبر ضربات محدودة، كما حصل في قاعدة عين الأسد وغيرها”.
لكنه أشار أيضًا إلى أن “إيران اليوم تخشى ليس فقط من الفصائل، بل من سقوط النظام السياسي ذاته، على غرار ما حصل في سوريا، ولذلك فإنها تُجمّد بعض الأذرع أحيانًا لتفادي تفكك الدولة كما حدث هناك”.
وأكد أن “القراءة الدقيقة للمشهد تستوجب الربط بين الداخل الإيراني، ودور الفصائل، ومواقف القوى الكردية، وتحولات السياسة الأميركية والإسرائيلية في الإقليم”، مبينًا أن “كل ملف من هذه الملفات يتفاعل مع الآخر، ضمن نظرية متكاملة لإعادة تشكيل ميزان القوة في المنطقة”.