استباق المرشحين إعلان ارقامهم، وآثار هذا التصرف قانونياً

بقلم القانوني/ وائل منذر
الدعاية الانتخابية مرحلة مهمة تسبق عملية انتخاب أعضاء مجلس النواب, وهي الوسيلة التي يعرف فيها المرشحون بأنفسهم وببرامجهم الانتخابية للمواطنين خلال مدة زمنية محددة, ويمكن تعريفها بانها (مجموعة الأنشطة التي يقوم بها الحزب السياسي أو المرشح أو مؤيديهم بهدف إمداد الناخبين بالمعلومات عن برامجهم الانتخابية وسياستهم واهدافهم سعياً للتأثير على الناخبين بكل الوسائل والأساليب المتاحة ومن خلال جميع قنوات الاتصال والاقناع وفي فترة زمنية محددة وذلك للحصول على أصوات الناخبين والفوز في الانتخابات) .
وهذا التعريف يتضمن مجموعة من العناصر في مقدمتها الفترة الزمنية للدعاية، حيث تحدد القوانين مدة زمنية قصيرة نسبياً, لغرض قيام المرشحين بعرض برامجهم السياسية والدعوة لانتخابهم، ولا يجوز لهم القيام بالدعاية خارج هذه المدة .
فحتى لا تتحول الدعاية الانتخابية إلى فوضى, يعمل القانون على تنظيمها ووضع ضوابط تحدد التصرفات المسموح بها للمرشحين, والمدة الزمنية التي يستطيعون خلالها عرض برامجهم السياسية أو الترويج لانتخابهم, وغالباً ما تتميز هذه المدة بقصرها نسبياً ومواكبتها للمراحل الأخيرة السابقة على يوم الانتخاب, كما ويحدد القانون أماكن الدعاية وطرق الاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة ، ولكون كلامنا عن الاطار الزمني للدعاية فاننا لن نشير الى غيرها من العناصر .
تتميز الدعاية الانتخابية عن غيرها من أنواع الدعايات كالدعاية السياسية أو التجارية بانها محددة بإطار زمني معين من قبل المشرع سلفاً, اي أن بدءها وإنتهاءها لا يقف على إرادة المرشحين أو الأحزاب السياسة, بل تتقيد بالمدى الزمني المقر قانوناً. والدافع وراء تقييد الدعاية بمدة زمنية محددة هو رغبة المشرع في إيجاد نوع من المساواة وتكافؤ الفرص بين المرشحين كافة, ذلك أن إطلاقها زمنياً سيؤدي إلى تمييز المرشحين على أساس قدرتهم المالية, حيث ستطول الدعاية الخاصة بالمرشحين الأغنياء والمدعومين مالياً من جهات عدة, بالمقارنة مع المرشحين ذوي الموارد المالية المحدودة, مما يخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بينهم .
وان كان المرشحون أو الأحزاب السياسية غالباً ما ينشطون قبل المدة المحددة للدعاية الانتخابية وبأساليب شتى الغرض منها الخروج على هذا التقييد, لكن هذا لن يعفيهم من المساءلة القانونية متى ما انطبقت على تصرفاتهم صفة الدعاية الانتخابية الخارجة عن إطارها الزمني. وبحث الإطار الزمني يتطلب معرفة توجه المشرع العراقي في تحديد بدء الدعاية الانتخابية وأمدها, كذلك المدة الفاصلة بين انتهائها وإدلاء الناخبين بأصواتهم.
1. بدء الدعاية الانتخابية وأمدها.
تختلف التشريعات في تحديد موعد بدء الدعاية الانتخابية, ومن البديهي ان يبدأ المرشحون حملاتهم الدعائية قبل موعد الانتخاب بمدة مناسبة تتيح لهم عرض أفكارهم وبرامجهم على جمهور الناخبين العراق فقد حددت المادة( 24) من قانون الانتخابات رقم (12) لسنة 2018 المعدل تاريخ بدء الدعاية بقرار يصدر عن مجلس مفوضية الانتخابات, على أن تستمر لغاية اليوم السابق على الانتخاب, وترك القانون تحديد هذه المدة من حيث أمدها أو ابتداءها للسلطة التقديرية لمجلس مفوضية الانتخابات باعتبارها الجهة التي تملك صلاحية وضع أسس وقواعد العملية الانتخابية والاشراف عليها, وتحدد المفوضية مدة الحملة عادة بثلاثين يوم سابقة على يوم الاقتراع أي ان موعد بدء الدعاية الانتخابية سيكون بتاريخ 9/10/2025 .
2. مخالفة الاطار الزمني للدعاية
ان تجاوز مدة الدعاية يشكل مخالفة قانونية تسمى الدعاية خارج الإطار الزمني ، تتمثل هذه الجريمة بالاعمال التي تنطوي على مخالفة للتحديدات الزمنية التي أقرها المشرع بصورة ملزمة سواء كانت هذه المخالفة سابقة على الزمن المحدد أو لاحقة عليه, وبغض النظر عن صفة الشخص الذي تصدر عنه سواء كان مرشحاً أو ناخباً أو أي شخص له صلة بالعملية الانتخابية ، واذا كان هذا المنطق القانوني، فان المشرع العراقي اقتصر في التجريم على المعاقبة بالحبس لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة مالية لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد عن خمسة ملايين دينار، على قيام المرشح سواء بنفسه أو بواسطة اشخاص آخرين أو قيام موظفي الدولة أو أعضاء السلطات المحلية في المحافظات بتوزيع برامج العمل أو المنشورات الدعائية في يوم (الاقتراع ) فقط وفقاً لأحكام المادة (41 / اولاً) من قانون الانتخابات.
ولم يمد هذا العقاب إلى المخالفات السابقة على بدء الدعاية الانتخابية, أو في يوم الصمت الانتخابي السابق على يوم الاقتراع، والتي تحصل فيه بصور شتى سواء كان بنشر ارقام المرشحين وما يدل على قوائمهم قبل مصادقة المفوضية على الاسماء او اجراءها القرعة الخاصة بالأرقام ، ذلك ان الاشارة باي وسيلة دعائية الى رقم المرشح وقائمته يعني اننا بصدد ترويج دعائي بمخالفة صريحة للمادة (24) من قانون الانتخابات .
3. جزاء مخالفة زمن الدعاية والبدء بها قبل وقتها .
المشرع وان كان لم يحدد عقوبة جزائية على هذه المخالفات واقصد بها البدء بالدعاية واعلان ارقام المرشحين واسماء قوائمهم قبل التاريخ المحدد قانوناً, لكن هذا لا يعني عدم امكانية ايقاع أي جزاء على مخالفة المرشحين لقرارات المفوضية الصادرة بخصوص تحديد موعد بدء الدعاية وانتهائها حيث تملك المفوضية ومن خلال مجلسها ايقاع جزاءات ذات طبيعة ادارية (كالغرامات أو سحب المصادقة أو الحرمان أو سحب اعتماد المراقبين) والتي وان كانت اقل ردعاً مقارنة بالعقوبة الجزائية، عدا حالتي(الحرمان من المشاركة او سحب المصادقة على المرشح او القائمة الانتخابية) التي تعتبر من قبيل الاجراءات الشديدة التي لا تقل ردعاً عن الجزاء الجنائي، وانما ممكن ان يكون وقعها اكبر على المرشح، وهي في كل الاحوال تتبع السلطة التقديرية لمجلس المفوضية في ضوء ما ترد اليه من شكاوى او ما ترفع اليه من تقارير رصد بوجود مخالفات من هذا القبيل ، حيث يقدر المجلس نوع المخالفة وجسامتها ليحدد طبيعة العقوبة الادارية التي سيفرضها ، وهذه العقوبة تخضع رقابة القضاء ممثلاً بالهيأة القضائية الانتخابية التي يمكن تقديم الطعن لها على فرض العقوبة خلال ثلاثة ايام من اليوم التالي لنشر قرار المجلس بفرض العقوبة ، وقرارات الهيأة القضائية تكون اما بتصديق قرار المفوضية او تعديله او الغاءه وهذه القرارات باتة غير قابلة لطلب إعادة النظر فيها.
وعليه فان قيام بعض المرشحين بنشر بوسترات دعائية تتضمن ارقامهم مع قائمة الترشيح تشكل إعلان دعاية مبكر خلافا للقانون وتستوجب المساءلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار