الباحثة رشا العزاوي: هكذا تنجو بغداد من فوضى الداخل وأفخاخ الخارج

متابعات|
قالت الباحثة في مركز الخليج، رشا العزاوي، إن الفساد يمثل أحد أكبر العراقيل أمام التنمية في العراق، ورغم تشكيل لجان تحقيق وتنفيذ بعض الإجراءات، إلا أن غياب الإرادة السياسية من الأحزاب جعل هذه الجهود غير كافية.
وأضافت العزاوي في دراسة تابعتها “جريدة” أن العلاقات بين حكومة السوداني والإطار التنسيقي اتسمت بالتعقيد، مشيرة إلى أن التوتر بين الطرفين جاء بسبب التباينات في المصالح بين مكونات الإطار نفسه، وأن فقدان الحكومة لتأييد أغلب أحزاب المجموعة الشيعية قد يؤدي إلى تشكيل تحالف سياسي جديد من قبل السوداني لدعم خطواته الحكومية القادمة يضم في جبهته مختلف الأحزاب السياسية الأخرى تأسيساً لمشروع سياسي وطني، ويمكن أن يؤدي أيضاً إلى إعلانه الخروج من الإطار التنسيقي ليكون بمثابة الحل الأكثر قبولاً لدى الشارع العراقي، وهو ما سيوفر له دعماً شعبياً ويحرره من الضغوط التي كانت مفروضة عليه.
وأوضحت أن ملف الفصائل المسلحة يُعد من أعقد التحديات أمام حكومة السوداني، لكون هذه الميليشيات تتمتع بنفوذ واسع داخل الحكومة ومؤسسات الدولة، مما يشكل عقبة أمام جهود فرض سيادة الدولة وحصر السلاح بيدها، مبينة أن هذه الفصائل ليست مجرد أطراف خارجية يمكن مواجهتها بسهولة، بل هي جزء من النظام السياسي نفسه وتمتلك قوة تصويتية كبيرة تؤمن لها عدداً كبيراً من المقاعد في البرلمان العراقي.
وبيّنت العزاوي أن العراق يواجه معضلة مزدوجة، تتعلق بالتعامل مع نفوذ الفصائل المسلحة داخلياً، وضغوط المجتمع الدولي خارجياً، مضيفة أن قوة الفصائل واستمرار اعتماد الحكومة عليها يجعل تحقيق هذه الأهداف أمراً بالغ الصعوبة، ويتطلب حلولاً سياسية شاملة ودعماً دولياً مستداماً، وطرح خطة تبدأ بإعادة هيكلة الحشد الشعبي وصولاً لحلها، ومنع الفصائل المسلحة من التحرك أمنياً داخل أو خارج العراق، وتجفيف مصادر تمويلها، ومنع العراق من أن يكون منصة للمشاريع الإيرانية.
وأكدت أن العلاقات العراقية – الأميركية تدخل مرحلة جديدة مع عودة ترامب للبيت الأبيض، بعد الرسائل الموجهة إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حيث تسعى واشنطن إلى إعادة التمهيد لدور أميركي أكبر ومباشر، لافتة إلى أن السوداني يجب أن يسعى لتقديم نفسه كشريك موثوق للولايات المتحدة الأميركية، والتأكيد على قدرة حكومته على منع التأثيرات الإيرانية عليها، وتفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي، ورفض انسحاب القوات الأميركية، والبدء بوضع خارطة طريق لمعالجة كل ما من شأنه استفزاز واشنطن.
وأشارت إلى أن إدارة ترامب لا تزال تشكك بقدرة السوداني على إيجاد الآليات التي يمكن من خلالها فك الارتباط بين بغداد وطهران، وكان مؤشر ذلك عندما قرر الرئيس ترامب إنهاء الإعفاءات التي كانت تُمنح للعراق لشراء الكهرباء والغاز من إيران، مضيفة أن حكومة السوداني وجدت نفسها أمام تحديات كبيرة تتعلق بتأمين مصادر بديلة للطاقة.
واختتمت العزاوي بأن العلاقات العراقية الخليجية تمر بمرحلة تحول استراتيجي تعكس تطورات إقليمية ودولية متسارعة، مؤكدة أن تعميق العلاقات مع الدول الخليجية العربية يمثل فرصة استراتيجية لحكومة السوداني، وأن المملكة العربية السعودية كدولة ذات ثقل سياسي واقتصادي أظهرت دعماً واضحاً لحكومته من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري، وأن لقاءات السوداني مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تناولت قضايا حيوية مثل الأمن والطاقة والاستثمار، مما يعكس رغبة الطرفين في بناء شراكة طويلة الأمد.
ونبّهت إلى أن العراق أمام سيناريوهين يتطلبان إدارة دقيقة وحذرة، الأول يتمثل في تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني مع دول الخليج بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الاستقرار الإقليمي، والثاني ينطوي على تحديات أكبر إذا ما فشلت بغداد في تحقيق توازن بين علاقاتها مع إيران ودول الخليج، مما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات الداخلية والخارجية.