تحليل حيدر سلمان لــ”جريدة”: لماذا تأخرت بغداد في تهنئة الشرع

خاص|
أكد الباحث الإستراتيجي حيدر سلمان، أن موقف العراق من تنصيب أحمد الشرع، رئيسًا للحكومة المؤقتة في سوريا شهد تذبذبًا بين الاندفاع الأولي والتأخر في إعلان أي تأييد رسمي.
وقال سلمان في تصريح لـ“منصة جريدة” أن “المتابعين للموقف العراقي يلاحظون التغيير من حالة الاندفاع في البداية إلى التريث في إعلان أي موقف واضح تجاه إقامة حكومة مؤقتة برئاسة الجولاني”، موضحًا أن “موقف العراق ليس منفردًا، لكنه يظل الأهم بحكم الجوار المباشر والتأثر العميق بالوضع الأمني في سوريا”.
وأضاف أن “تأخر العراق في تهنئة الشرع يعود إلى عوامل واضحة، أبرزها أن حجم استجابة بغداد يعتمد على الخطوات السورية ذاتها”، مشيرًا إلى أنه “في بداية التغيير وسقوط نظام بشار الأسد، كانت هناك رسائل إيجابية من سوريا والجولاني، قابلها العراق بمواقف كبيرة، منها إجراء اتصالات دولية لدعم التغيير في سوريا، والمشاركة الفاعلة في مؤتمر العقبة بترجمة لموقف عراقي بحت، في وقت كانت بقية الدول العربية مترددة”.
وأوضح أن “العراق كان الأكثر اندفاعًا لدعم التغيير حتى زار وزير الخارجية الأمريكي بغداد، وأجرت وفود عربية اتصالات مع العراق، وشدد رئيس الوزراء ووزير الخارجية حينها على ضرورة دعم الشعب السوري وإشراك جميع الأطياف في الحكم، باعتبار أن استقرار سوريا ينعكس مباشرة على استقرار العراق”.
وتابع أن “الموقف العراقي شهد تحولًا بسبب ما يجري في سوريا، حيث لم يكن هناك إشراك حقيقي لأطياف المجتمع، بل شهدت الساحة عمليات تطهير عرقي واستبعاد للمكونات، كما حدث مع الشيعة والعلويين، فضلًا عن الهجمات المتسارعة ضد الأكراد، وهي أطياف موجودة ضمن المشهد السياسي العراقي، مما لا يمكن إغفاله”.
وأشار إلى أن “تصريحات الجولاني الأخيرة دفعت العراق إلى إعادة حساباته والتريث، خاصة بعد إعلانه عدم إشراك المكونات ومنح الوزارات كهدايا، وتصريحه بفشل المنظومة العراقية واللبنانية، ما يعكس توجهه نحو احتكار الحكم بطريقته الخاصة”.
وبيّن أن “العراق يقف الآن موقف المراقب دون تقديم التهنئة، لا سيما بعد إعلان الجولاني عدم الحاجة إلى دستور أو انتخابات لمدة أربع سنوات، وتنصيبه نفسه رئيسًا دون أي انتخابات أو مجلس شورى”، مضيفًا أن “تمدد داعش قرب الحدود العراقية، وتهديد إطلاق سراح عناصر التنظيم وعوائلهم من سجون قسد، زاد من شكوك العراق تجاه إدارة الجولاني، خاصة مع غياب موقف واضح يطمئن بغداد أمنيًا”.
وختم سلمان بالقول إن “كل هذه العوامل دفعت العراق إلى اتخاذ موقف المتفرج حاليًا، وربما يذهب لاحقًا إلى تقديم التهنئة، لكنه يراقب المشهد بحذر، خصوصًا أن ما يحدث في سوريا يتناقض تمامًا مع النموذج العراقي القائم على الانتخابات وحفظ حقوق المكونات”، مشيرًا إلى أن “موقف العراق قد يتغير تبعًا لتطورات الموقف السوري، حيث لا يزال المسؤولون يترقبون الخطوات القادمة لتحديد توجههم النهائي”.