بيان المرجعية.. فرصة لتقويم العملية السياسية

بقلم مجاشع التميمي|..

‏بعد بيان المرجعية الدينية، لم يعد الركون الى الصمت أو إبداء مواقف التأييد، مجدياً في كسب ود المرجعية، كما أن محاولة إيهام الجمهور بتفسيرات غير رغبة المرجع الأعلى السيد السيستاني لم يعد ينطلي على الشعب، كما أنه يغضب المرجعية، ولن يرضيها؛ إذن على القوى الشيعية الماسكة بالسلطة، التعمق بالبحث عن آليات وخطوات عملية ترضي كلاً من الشعب والمرجعية، وتعيد العلاقة بين الأطراف كافة، بما يسهم في الحفاظ على النظام السياسي.

أزمة الثقة بين الفواعل السياسيين كافة، هي جوهر الأزمة، حيث ان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني قال إن هدفه الأول في رئاسة الحكومة هو إعادة الثقة شبه المفقودة بين الجمهور والنظام السياسي، من خلال تقديم المنجز.. وذكرّ كيف كانت القوى الشيعية تستجدي أصوات الناخبين في انتخابات 2021، لذلك يقول انه يبذل جهوداً لعودة الثقة بعد أن وصلت في انتخابات 2023 إلى ادنى مستوى، اذ تراجعت نسبة المشاركة إلى ما دون الـ20% بحسب منظمات محلية ودولية، بعد ان بلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء على الدستور نحو 79 بالمئة، لذلك يستدعي من القوى السياسية الشيعية، -وهي صاحبة الأغلبية النيابية- تبني مشروع وطني من شأنه استعادة ثقة الجمهور، وبالتالي كسب ثقة المرجعية، لاسيما مع التغيرات المرتقبة في السياسة الأميركية التي تتزامن مع عودة ترامب الى البيت الأبيض، الأمر الذي يتطلب ايفاء العراق بالتزاماته مع الجانب الأميركي ووقف تهديدات الجمهوريين بفرض عقوبات واستخدام الخيار العسكري لتحقيق أهدافه في العراق.

أولى الخطوات التي يمكن ان تقوم بها القوى السياسية الشيعية، هو تعديل قانون الانتخابات رقم (12) لسنة 2018 المعدل ليحظى بقبول الشعب العراقي، كما طالبت به المرجعية الدينية العليا، حينما دعت إلى ضرورة الإسراع بإقرار قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية، ولا يتحيز للأحزاب والتيارات السياسية، ويمنح فرصة حقيقية للمشاركة السياسية.

اما ثاني هذه الخطوات، هو السماح للمؤسسات الرسمية بتنفيذ مهامها بشكل قانوني ومهني وبحسب ما رسمه الدستور، دون ضغوط واملاءات، وتدخلات خارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات، كما يجب اطلاق العنان لرئيس مجلس الوزراء بأجراء تعديل وزاري، وفق رؤيته التي تعتمد مبدأ الكفاءة والنزاهة في توزيع مواقع المسؤولية وإعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلد، كذلك ضرورة إرضاء زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر واقناعه بالعدول عن خيار المقاطعة، والعودة للتمثيل السياسي، والإصغاء لرؤيته في الإصلاح كونه يحظى بمقبولية لدى المرجعية العليا.. الخطوة الأخيرة ستكون كفيلة بإعادة ثقة المرجعية الدينية بالقوى السياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار