انتفاضة تشرين.. الوجه الأبيض للشعب

بقلم فلاح المشعل|..

ملايين العراقيين خرجوا للساحات في جميع محافظات الوسط والجنوب، محتجين على فساد الطبقة السياسية ونظام المحاصصة سيئة الصيت، ومطالبين بحقوق الشعب التي نهبتها الأحزاب، ويشددون على حرية الوطن واستعادة السيادة وعدم الخضوع لدول الاحتلال التي عاثت فسادا في العراق، ودمرت محتواه الإنساني والوطني والثقافي من قبل أحزاب تحمل أجندات دول خارجية، تعمل على تقسيمه طائفيا وعرقيا لتغطية فسادهم وتحطيم أواصر الوطنية عند الشعب.

كانت فرصة تاريخية عبر فيها الشعب وبكل سلمية عن رفض الفساد والتزوير واستلاب الحقوق والوطن والكرامة، شعب تحرر من الخوف، وملأ ساحات الوطن باحتجاج سلمي وشعارات وطنية نقية، لكن الطبقة السياسية الحاكمة أضاعت هذه الفرصة في إصلاح وضعها ومحاولة إعادة توطين وجودها بين الشعب.

ماذا فعلت الطبقة السياسية الحاكمة وأحزابها وميليشياتها إزاء الملايين التي التحم الشعب معها في الاحتجاج، وكسر حظر التجوال ليواصل الحضور ليلا ونهارا في ساحات التحرير؟

كانت الأحزاب وميليشياتها وآلاف القتلة المقنعين يبتكرون الطرق والأساليب في قتل المتظاهرين وخطف بعضهم والاعتداء على الشباب والبنات، وحين عجزوا عن ذلك دسوا بأفرادهم واجواقهم من الأحزاب والميلشيات من سقط المتاح لكي يندمجوا بالساحات، ويحملون معهم قذاراتهم وسلوكياتهم الشاذة لتشويه نقاء تشرين وشبابها النقي وشهدائها الذين قدموا أرواحهم ودماءهم الطاهرة ثمناً للحرية التي أرادوا صناعتها من ساحات الوطن، وليس مصدّرة لهم في أفكار أمريكية أو طائفية فاسدة!؟

الأحزاب العراقية الحاكمة وميليشياتها ودوائرها السرية، بدلا عن الإصغاء إلى الشعب والاعتذار منه والتفاوض مع طلائع الساحات ووضع برامج لإنقاذ نفسها من الفشل والفساد، قُمعت انتفاضة تشرين وقتل المئات من شبابها علناً وتحت ذريعة الطرف الثالث، وكانت غاية في السخرية من الشعب، ومن وجودها الذي أصبح مهددا منذ تجليات انتفاضة تشرين التي فصلت العلاقة بين الشعب وسلطة الأحزاب، كان لمنظر القتل بوحشية يدفع بالجراح عمقاً في روح وذاكرة الشعب.

ولم تزل الإشكالية قائمة، فهذه الأحزاب لم تستفد من التجارب التي يعيشها العالم، ولم تستفد من تجربة سقوط نظام صدام، غرور السلطة والقوة ومفاتن الفساد والثروة الهائلة التي اختارتها من نهب المال العام، يهيمن على وجودهم ونفوذهم على نحو لم ينفع معه الإصلاح والنصح، بل إن صراخ دماء تشرين لم توقظ عندهم قيم الوطنية والضمير والإخلاص للشعب، بل زادوا في فسادهم وانحرافهم، وارتفعت مستويات الجشع والطمع عندهم ليبتلعوا أصول الدولة، بعد أن سلبوا وابتلعوا المال العام.

تحية مجد وافتخار لشهداء انتفاضة تشرين 2019، تحية حب واعتزاز لكل جريح ومعاق مازال يمثل أيقونة لبطولة تشرين والحرية، ولن ينال منكم الإعلام المأجور والموجه طائفياً أبدا، أنتم قلائد فخر وكرامة على صدور العراقيين الأحرار.

كنتم الوجه الأبيض للشعب، والجواب الحقيقي لشعب يرفض الفساد والطائفية واستلاب الوطن والسيادة، وأنتم تنادون نريد وطناً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار