في ذكرى اشتباكات الخضراء وتحقير نتائج الانتخابات

بقلم / أحمد الشيخ ماجد

بمناسبة مرور ذكرى اشتباكات آب على أبواب الخضراء وسقوط عشرات الضحايا فيها، أقول إن أي نقاش عن العراق والانتخابات ومستقبل النظام السياسي والديمقراطية فيه، لا ينبغي أن يجهل ما حدث في تلك اللحظة، باعتبار أن صاحب اللحظة ـ التحالف الثلاثي ـ جمع ما يقارب 203 من النواب في إحدى الجلسات، لكنه لم يستطع أن يفعل شيئاً! لماذا هذه اللحظة مهمة؟ لأن الخاسر في العراق لا يعود إلى منزله، وإنما يشكل تحالفاً يجمع بضعة خاسرين يضم مجموعة خائفين من صعود طرف معيّن، وخلفهم ميليشيات، يمكن أن يحرقوا ويضربوا الصواريخ متى ما استدعت الحاجة، فضلاً عن دولة إقليمية حرّكت مرجعاً دينياً كبيراً لإيقاف ما أفرزته الانتخابات وقتها، فلك أن تتخيل العقدة العراقية.

‏أحرقت مقرات أحزاب، ضُربت مدناً في الصواريخ، وطوّقت أخرى من قبل ميليشيات، ووصل الوضع الأمني على حافة الانهيار، وحدثت محاولات اغتيال، ثم حبست البلاد أنفاسها بانتظار الحرب الأهلية، حتى اشتعلت الاشتباكات على أبواب الخضراء، لينسحب الصدر، ويشكل “الإطار التنسيقي” الحكومة، لتهدأ الأمور ويقولون لنا إن الأمور مستقرة ونحن نمضي للبناء والعمل على التطبيع مع الجميع!

‏بالنسبة للمتفائلين على الأقل، فإنّ هذا أمر جدير بالسؤال: لماذا توقفت الصواريخ وعاد الوضع الأمني إلى ما سمي بـ”الاستقرار” حتى 7 أكتوبر؟

‏التحالف بين الأحزاب الحاكمة والميليشيات سيبقى التهديد المستمر لأي محاولة اختراق للنظام السياسي، وقد يسمح هذا النظام نفسه بدخول الشباب، لكنه لن يسمح لأي أحد أن يعمل خارج آلياته وأعرفه، سواء بالترهيب أو الترغيب. يمكن النظر لعشرات المستقلين تحت قبة البرلمان وكيف تحولوا إلى مجموعة عاطلين، لا يعول عليهم بشكل كامل في القضايا الكبرى والصغرى.

‏ما حدث هو تذكير دائم لأصحاب التقليعة الجديدة الذين يتحركون بمسار “تقديس الانتخابات” الآن. هناك تجاهل لكل الجذور المعقدة للأزمة السياسية في العراق والحديث بأمور تبدو شعرية وأوهام لا معنى لها عندما تعرض أمام التاريخ القريب وليس البعيد. لا تؤدي الانتخابات في العراق إلى نتيجة يمكن وصفها بـ”النزيهة” أو على الأقل الطبيعية. هناك سيطرة من مجموعة لن ترضى أن تخترق، وهو أمر سيؤدي إلى التفكير بالحلول الجذرية على المدى البعيد. هذا لن يستوعبه سوى العقلاء. لن تنقذ “المجسرات” وعمليات التطبيع السطحية النظام من الأسئلة الجوهرية.

‏كيف تنظر إلى الحكومة الحالية؟ ما الذي أفرزها؟ ما هي الطريقة التي جاءت بها؟ هذه أسئلة ستعيدك مباشرة إلى اشتباكات آب، أما الأمر الآخر؛ كيف تفرّدت مجموعة حاكمة ـ مسلّحة بالفضاء العام، دون برلمان، بلا أحزاب قوية، بغياب الصقور، حتى وصل النقاش إلى “تفخيذ الرضيعة”؟ إن تحقير نتائج الانتخابات والعمل بالآليات الحالية التي ترونها، أمور يؤدي بالضرورة إلى هذا المسار المظلم، وهو ما سيجعل الانتخابات المقبلة أكثر تعقيداً وصعوبةً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار