ثلاثـة أسباب قد تُعرضُ البنك المركزي للعقوبات الأميركية.. ماهي؟

خاص|..

حدد الخبير الاقتصادي، مهدي البناي، يوم الجمعة، ثلاثة أسباب قد تعرض البنك المركزي للعقوبات الأميركية، رغم استبعاد ذلك حالياً على أقل تقدير، لكن تبقى القدرة موجودة.

وقال البناي لـ”جريدة“، إن “إمكانية تعرض البنك المركزي نفسه لعقوبات من الخزانة الأميركية موجودة، لكنها مستبعدة حالياً على أقل تقدير، لأن ذلك قد يشكل ضربة قاتلة للاقتصاد، حيث بمجرد إعلان هذا الخبر سوف يهوي سعر صرف الدينار إلى مستويات قاتلة، وقد يؤدي إلى ارجاع البلاد إلى أيام الحصار”.

وشرح الخبير الاقتصادي ذلك بشكل أعمق، أن “أميركا ربما تلوّح بهذا الإجراء لكنه مستبعد، لأنه يشكل عملية حرب ومقاطعة كارثية بالنسبة للعراق، كون البلاد مرتبطة من ناحية ايرادات النفط والاحتياطات والاستثمارات في السوق الأميركية وكذلك من ناحية الديون وغيرها الكثير من النواحي، لذلك مستبعد هذا الخيار، رغم أن القدرة موجودة على اتخاذه”.

أما في حال تمت معاقبة البنك المركزي، فإن ذلك يعود بحسب البناي، إلى ثلاثة أسباب:

أولها: العبث الذي تورط به البنك المركزي، فمنذ خروج سنان الشبيبي آواخر عام 2012 ولحد الآن العبث مستمر في إدارة البنك المركزي، ويُقصد بالعبث هو التساهل والتواطؤ بإجازة الدكاكين الصيرفية دون أدنى معايير مهنية احترافية، وإنما تحاصص وتنفيع للأحزاب وهيئاتها الاقتصادية وواجهاتها من رجال الأعمال وغيرهم الذين دخلوا وولجوا إلى النظام المصرفي العراقي وعاثوا به فساداً.

إن المصارف العراقية الخاصة لم تتأسس لممارسة عمل مصرفي احترافي، وإنما دخلت للنظام المصرفي – الذي هو شريان الحياة الاقتصادية – حتى تتربح من مزاد العملة والمضاربات وغيرها بعيداً عن المعايير المهنية، وتورط النظام نفسه بخروقات لالتزامات دولية من حيث دول المعاقبة ودول عليها قيود.

إن هذه المصارف كان لها من الجرأة أن تتحدى الالتزامات الدولية وخرقتها، ومنذ 10 سنوات الإدارات الاميركية المتعاقبة تنذر عن هذا الأمر، لكن لم تر لا من البنك المركزي ولا من البنوك نفسها أي رد فعل، كما أن هذه البنوك نفسها تواطأت مع شبكات الفساد والسرقات الكبرى التي حدثت.

ثانياً: أن البنك المركزي العراقي نفسه، ابتعد عن مهامه الأساسية التي هي استقرار سعر الصرف، من خلال ضبط الفائدة وإدارة التضخم، وانغمس في مهام ليست من مهامه أساساً، وإلا ما علاقة البنك المركزي في إطلاق حزم ومبادرات تمولية لقطاعات اقتصادية، ثم ما هي علاقة البنك المركزي بالتحويلات الخارجية، بل هذه من مهام المصارف، وحتى عملية مكافحة عملية تبييض الأموال والتحقق من مصادر الاموال ووجهاتها.

إن كل هذه من مسؤولية المصارف وليس من مسؤوليات البنك المركزي الذي عليه وضع قوانين وتعليمات، لكن نتيجة لضعف وهشاشة المنظومة المصرفية عن القيام بمهامها، اضطر البنك المركزي أن يمارس مباشرة كل هذه المهام.

ثالثاً: البنك المركزي تخلى عن مهماته الأساسية وذهب إلى مهام ثانوية، فقد ترك السياسة المالية كما حدث في ديسمبر 2020، عندما
قرر وزير المالية علي علاوي تخفيض سعر الصرف، وهذا لم يكن من مهامه، بل من مهام البنك المركزي، لكن الأخير ترك مهام له وذهب إلى مهام ليست له، وهذه مشكلة.

إذن البنك المركزي العراقي بات أسيراً لفوضى الدكاكين المصرفية التي انشأها هو نفسه، وعليه أن يتحمل التواطؤ عندما تساهل وتغاضى عن جدوى تأسيس هذا العدد من المصارف وأهمل المعايير المهنية في انشائها وإدارتها، وأصبحت هذه المنظومة المصرفية عالة طفيلية على الاقتصاد بدلاً من أن تكون دافعاً له.

فعندما تتخلى المصارف عن دورها في التمويل وتكتفي بالمضاربة والسمسرة يكون ما نشهده حالياً طبيعياً.

إذا البنك المركزي لم يطور أدوات التبادل والتمويل، وإنما زاد وصرّح بأدوات التحايل والتهريب، فإهماله في بناء منظومة مصرفية رصينة جعله يتحمل تقصيرها وضعفها وفسادها.

إن من هذه الأمور الثلاثة يتضح بأن البنك المركزي إذا ما عاقبته الخزانة الأميركية فإن القرار له أسبابه، لأن البنك المركزي هو نفسه سمح وأعطى أوراقاً للآخرين بمحاسبته على مهمات قام بها ولم تكن من مسؤولياته، بحسب ما قاله البناي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار