الربط السككي الايراني – العراقي وخلل ميزان المصالح!

زياد الهاشمي |..

تواترت الانباء والتأكيدات الرسمية العراقية والمتعلقة بالتوافق على المضي قدماً في إنشاء سكة حديد تربط الجانب الايراني مع العراق، لأغراض قيل إنها تتعلق بنقل المسافرين كمرحلة أولى، والبضائع في مراحل لاحقة. ورغم ان هذا المشروع ليس بجديد، حيث انه يعتبر من أوائل المشاريع التي سعت إيران لإنجازها منذ مراحل مبكرة من عهد مابعد التغيير في العراق عام ٢٠٠٣، الا ان الموقف العراقي وطوال السنوات الماضية، كان يتسم بالتردد او عدم القبول لاسباب مختلفة، حتى وصلنا اليوم لمرحلة تغير فيها الموقف ووافق العراق مبدئياً للتوقيع على الخطوط العامة لهذا المشروع، ليفتح الطريق أمام إنجازه في الفترة القادمة.

وبالرغم من تعدد التصريحات الرسمية من كلا البلدين والتي تؤكد على أهمية هذا الخط في تعزيز حركة النقل والتبادل التجاري بين الطرفين، الا ان هناك جوانب أخرى تحمل الكثير من علامات الاستفهام وتحتاج للوقوف عندها طويلاً، والتي تشير الى ان هناك طموحات ايرانية أكبر من مجرد ربط سككي مع العراق، الى توسيع ذلك ليشمل ربطاً باتجاه دولاً أخرى، وهذا ما قد يجعل من كفة المصالح تميل بشدة بإتجاه تحقيق مصالح إيرانية كبرى وعلى حساب العراق.

فحسب تصريحات سابقة لمسؤولين ايرانيين، فإن ايران تطمح من خلال مشروع الربط السككي في الحصول على ممر بري دائم ومباشر يوصلها لمياه البحر الابيض المتوسط عبر العراق وصولاً للموانئ السورية، ليسهل لها زيادة حركة تجارتها مع دول أوروبا والشمال والغرب الافريقي، ويعطي ايران سرعة الوصول التجاري للاسواق العراقية والسورية واللبنانية، ويضاف اليها فرص أخرى (لم تذكرها التصريحات الايرانية) سيوفرها هذا الخط وبشكل تلقائي، منها ما يتعلق بإمكانية استغلال هذا الربط في حركة الامداد التسليحي والعسكري والامني بين الجانب الايراني وأطراف إقليمية حليفة.

وفي ظل كل هذه الاهداف والطموحات الايرانية المعلنة وغير المعلنة، فإن العراق قد لا يجد نفسه في هذه المعادلة الا (ممراً برياً) لعمليات النقل السككي الايراني بمختلف أهدافها، مع الدول الاخرى، وهذا ما يمكن اعتباره زيادة في الخلل في التوازن الاقليمي حيث ستكسب ايران ورقة جيواستراتيجية جديدة ترفع فيها من رصيد تأثيرها الاقليمي، ولكنها ستكون بطبيعة الحال على حساب مصالح وجغرافية العراق.

لذلك وفي ضوء هذه المعطيات، فإنه من المفترض ان تتأنى الحكومة العراقية قبل المضي قدماً في هذا المشروع، وتأخذ وقتها لدراسته وتحديد الاهداف العراقية والمكاسب الاقتصادية من هذا المشروع، والى اي مدى يمكن تحقيق هذه الاهداف والمصالح، وكيف ستكون طبيعة ردود الافعال الاقليمية والدولية على هذا المشروع وما انعكاسات ذلك على العراق، وهل سيتعارض هذا المشروع او يضعف من قيمة ودور مشاريع النقل العراقية المستقبلية، ولاسيما مشروع طريق التنمية، وغيرها من المسائل والابعاد الحالية والمستقبلية، والتي تتطلب فعلاً دراسة جادة و شاملة قبل الاقدام على قبول تنفيذ هكذا مشروع، قد يحقق في نهاية المطاف القليل من المنافع والكثير من الاضرار للعراق، وزيادة في خلل ميزان المصالح بين العراق وايران!

خاص جريدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار