اليوم العالمي للديمقراطية.. العراق في قلب الامتحان

 

خاص|

يمر العراق اليوم بمرحلة معقدة في مسيرته الديمقراطية، إذ يتزامن الاحتفال باليوم العالمي للديمقراطية مع استمرار التحديات التي تواجه النظام السياسي بعد أكثر من عقدين على سقوط الدكتاتورية، وبينما تكرّس الأمم المتحدة هذا اليوم لتجديد الالتزام العالمي بالقيم الديمقراطية، فإن التجربة العراقية تظل بحاجة إلى مراجعة شاملة، في ظل ما رافقها من أزمات بنيوية وتدخلات إقليمية ودولية وصعوبات داخلية.

على الرغم من أن العراق يُعد من الدول القليلة في الشرق الأوسط التي شهدت تداولاً سلمياً للسلطة عبر خمس دورات انتخابية متتالية، إلا أن الواقع العملي يكشف عن فجوة واضحة بين النصوص الدستورية والتطبيق اليومي. فالمحاصصة السياسية والفساد الإداري والمالي، إضافة إلى ضعف الأداء المؤسسي، جعلت الديمقراطية في البلاد عرضة لانتقادات متكررة من الداخل والخارج.

ويرى مراقبون أن الديمقراطية لم تنجُ أيضاً من تأثير الإرهاب، الذي حاول مراراً تعطيل المسار السياسي عبر العنف والتخويف، غير أن العراقيين أصروا على المضي في خيار الانتخابات كوسيلة وحيدة للتداول السلمي للسلطة.

وفي هذا السياق، أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، خلال كلمته في احتفالية نظمها المرصد العراقي لمراقبة الديمقراطية ببغداد، أن العراق “أحق بلد بالاحتفال بيوم الديمقراطية”، مشدداً على أن النظام الجديد جاء ثمرة نضال طويل ضد الديكتاتورية.

وقال السوداني إن “العراق تحوّل في زمن النظام المباد إلى سجن كبير تحت سياط الحزب الواحد والقيود على الحرية والفكر، لكن التضحيات المشتركة بمساندة الأمم الصديقة أزاحت الدكتاتورية، ومهّدت الطريق إلى نظام دستوري نيابي يستند إلى دستور دائم”. وأضاف أن التجربة العراقية “حظيت اليوم باحترام دولي، ما سمح بإنهاء بعثة الأمم المتحدة والتحالف الدولي، والتحول إلى علاقات ثنائية طبيعية”.

بدوره، شدد رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم على أن الديمقراطية في العراق “ليست ترفاً سياسياً ولا وصفة مستوردة، بل خيار وطني عراقي يواجه تحديات يومية”.

وقال الحكيم خلال فعاليات اليوم العالمي للديمقراطية، إن “أبرز هذه التحديات تكمن في التوفيق بين التعددية والوحدة الوطنية، ومعالجة إشكاليات التمثيل، ومقاومة الفساد والمحاصصة التي قد تفرغ الديمقراطية من محتواها”. وأشار إلى أن “الانتخابات النزيهة والمواطنة الفاعلة والمؤسسات الرصينة تمثل المرتكزات الثلاثة لضمان استمرار هذا النهج”.

ويشير مراقبون إلى أن حرية التعبير، التي تشكل ركناً أساسياً في أي نظام ديمقراطي، تعرضت بدورها إلى محاولات تقييد وتشويه، سواء عبر العنف ضد الصحفيين والناشطين، أو عبر التشريعات المقترحة التي تهدد فضاء الحرية الإلكترونية والإعلامية.
ومع ذلك، ظل الشارع العراقي في محطات مختلفة – كما في احتجاجات تشرين 2019 – قادراً على فرض صوته ومطالبه، في واحدة من أبرز صور التعبير الشعبي عن رفض احتكار السلطة.

بدوره، أوضح الخبير القانوني علي التميمي أن الديمقراطية العراقية “بحاجة إلى دعم تشريعي وقانوني يضمن الحقوق والحريات”. وقال: “من الضروري إقرار قوانين أساسية مثل حق الحصول على المعلومة، وقوانين حماية الصحفيين والأطباء، فضلاً عن مواجهة الجرائم الإلكترونية، لأن هذه التشريعات تمثل ضمانة عملية لحرية الرأي والتعبير”.

وبيّن التميمي في حديث لـ”منصة جريدة” أن “صناديق الاقتراع تبقى هي الفيصل في تكريس الديمقراطية، لكنها تحتاج إلى بيئة انتخابية نزيهة وشفافة تعكس الإرادة الحقيقية للناخبين”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار