اتفاقية خور عبد الله: تفريط بالسيادة أم صفقة مشبوهة خلف ستار المصالح؟

بقلم/ محمد أزهر – باحث قانوني 

إن العراق بموجب توقيعه ومصادقته على الاتفاقية آنذاك، قد تنازل بشكل رسمي عن جزء من سيادته البحرية، فالأتفاقية اعتمدت مسارًا للممر الملاحي يتماشى مع المطالب الكويتية، وجرّدت العراق من حرية اتخاذ أي قرار انفرادي بشأن التطوير أو التوسعة في الخور، بل جعلت أي نشاط فيه خاضعًا لموافقة الطرفين، مما يقيّد سيادة العراق على حدوده ومصالحه الاقتصادية، علاوةً على الكثير من الملاحظات بشأن المخالفات للدستور ولنظام مجلس النواب في التصويت على الاتفاقيات وغيرها.

لاحقًا، عندما طُعن بقانون المصادقة عليها، وهو قانون تصديق اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله رقم (42) لسنة 2013، بداعي تضمنه مخالفات صريحة وضمنية لدستور العراق لعام 2005، حيث حدّد الممر الملاحي العراقي–الكويتي بما يخالف الواقع والحقوق التاريخية للعراق، مما يسبّب أضرارًا جسيمة تمس السيادة العراقية ومصالحها في مياهها الإقليمية، فأصدرت المحكمة حكمها الذي يقضي بعدم دستورية قانون رقم (42) لسنة 2013 المتضمن تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق ودولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة في خور عبد الله. كان هذا نص الفقرة الحكمية لقرار المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى رقم 105 وموحدتها 194/اتحادية/2023 بعد الطعن بقانون تصديق هذه الاتفاقية.

عاد من جديد وتقدّم رئيس جمهورية العراق ورئيس مجلس الوزراء في 15 من الشهر الجاري بطعنين منفصلين أمام المحكمة بقرار بطلان قانون تصديق الاتفاقية بين حكومتي العراق والكويت بشأن تنظيم الملاحة في خور عبد الله، مطالبين بالعدول عنه وإعادة الاعتبار للقانون المذكور. وطبقًا لجدول المرافعات الخاص بالمحكمة الاتحادية العليا، فإن جلستي النظر في الدعويين تأجلتا اليوم، وستُعقدان في 30 الجاري كجلستين مؤجلتين ومن دون مرافعة.

ويبقى التساؤل مشروعًا: هل تُقدَّم المصالح المرحلية على حساب السياد الوطنية؟ أم أن الأعمال التحضيرية لإبرام هذه الاتفاقية قد انطوت على شبهات فساد، وتفريط متعمد بالقيم والمبادئ الدستورية، ما أدى إلى التضحية بأراضٍ عراقية ذات بعد استراتيجي وتاريخي؟ إن هذه التساؤلات تُلقي بظلالها على مجمل السياق الذي أُبرمت فيه الاتفاقية، وتدعو إلى مراجعة شاملة للمسارات القانونية والسياسية التي سمحت بتمريرها.