سوريا تشتعل بعد سنين من الهدوء النسبي
بقلم د.حيدر سلمان|..
المرئي من الامر يفهم ان غلق جبهة لبنان مباشرة فتحت بعدها جبهة سوريا، ولكن الاكيد ان حجم التحضير لهكذا معارك من تدريب وتجهيز كبير ونوعي يحتاج فترة طويلة نسبيا واموال طائلة، وقد وثق الاعلام الغربي تواجد مخابرات اوكرانية في ادلب منذ فترة طويلة، في نية فتح جبهة ضد الروس وحليفته سوريا.
المشكلة الاكبر لا يزال بعض السوريين يرددون كلمة ثورة وطاغية، ولم يتعلموا من السابق، مما سمي انذاك بالربيع العربي، متناسين الان تزامن ما يحدث حولهم ليكونوا حطب لحروب غيرهم ووقود لتطرف وتمزق داخلي وخارجي وعودة لحرب اهلية غلقت بشق الانفس.
من الجدير بالذكر ان الوضع في سوريا هدأ لسنين وكانت الامور تبشر بخير نحو تفاهم لكن الان ييدو اننا امام موجة عنف جديدة، فان تركتهم سوريا دون رد تمددوا وان صدتهم بقوة تباكوا من اجرام الاسد، فأي شيء يفيد معهم، ولا ارى غير التفاهم وارضاء مشغليهم من تركيا والغرب ولا استبعد مشاركة “بعض” دول العرب والغرب بشكل مباشر أو غير مباشر، علما ان في عام 2011 كان كذلك باشعال شرارة من الغرب وبعض دول العرب فيما سمي بالربيع العربي الذي حدث مباشرة بعد السودان واليمن وليبيا لكن الدعم توقف بعد دخول سوريا وايران الحرب مباشرة وتطرف المعارضة بالداخل السوري لدرجة كبيرة ففضلوا بقاء الاسد على ان تكون سوريا منطلقا لارهاب عالمي واقليمي.
اعتقد ان على الاخوة في سوريا ادراك ان استمرار الاحتراب الداخلي لا ينطوي على تغيير الحكم، بل تمزق اكبر وعودة الكانتونات الى رقع جغرافية يتسابق فيها الكل ضد الكل، وبقاء سوريا بمستنقع التفرق الداخلي وعودة التنكيل ببعضهم البعض.
النصيحة للطرفين مهمة، بان تنفتح سوريا على المفاوضات الجادة مع تركيا وتحييد وضعها بالنسبة للغرب، كما يجب محاولة الانفتاح على المعارضة الحقيقية بمشروع سياسي جامع، اما الطرف الاخر فعليه ان يفهم ان ارادته بالتغيير تصطدم الان بالمزيد من الصراع والدماء وعودة للخلف، كما يجب ان يدرك انه الان دون اي وقت ينفذ اجندة مدمرة لسوريا.
اليوم تحديدا المعارك تقترب من حلب شرقا، وفي اقرب نقطة لها 7.5 كم جهة الراشدين، وابعد نقطة لها 52 كم جنوبا.
معالم التحالف التركي الغربي وتغير المزاج لدعم وتسليح المعارضة بعد موقف سوريا في الحرب ضد اسرائيل مؤخرا، وقبلها مع الروس في اوكرانيا جعل سوريا في وضع حساس وهو ما حرك الداخل ضدها مجددا، ويبدو ان النظام السوري تناسى ما حدث لسلفه القذافي وله في 2011.
الان تحديدا ما يحدث يترادف مع عدة مشاكل، المشكلة الاكبر، اننا عندما نتحدث مع المسؤولين السوريين يقولون انها زوبعة في فنجان، وهو تقليل وتسطيح للاحداث كما حدث عام 2011 بعد سقطت كل مناطق سوريا وبقيت فقط العاصمة ليطلب النظام النجدة دوليا، ما ترىتب عليه اغراق المنطقة بالتطرف وسقوط اربع مدن عراقية بيد داعش ووصول دول لحالة اصبحت شبه منتهية قبل عودتها لجادة الصواب والوقوف بحزم.
المشكلة الثانية، هي عدم ادراك المعارضة السورية انها اصبحت بيدقاً بيد مصالح دول تحركهم معتقدين انه تحرير واكمال ما بدأوه في 2011، متناسين ان سوريا في 2011 كانت الافضل قبل انهيارها بايديهم وضمن مسلسل اسقاط دول المنطقة في الربيع العربي بعد ليبيا مباشرة والان يجب اكمال ما بدأوه.
المشكلة الثالثة، ان الدول الساندة لسوريا ضاقت بها ذرعا مع عدم قدرتها للوصول الى تسوية مع المعارضة وعدم استغلال الفرص الدولية للتفاوض، ولا حتى تقوية وضعها الداخلي.
المشكلة الرابعة، الان تركيا تلقي بكل ثقلها لصالح فصيلين تحديدا لكي لا يتشتت جهودها وتركز على الجيش الوطني (اسسته تركيا) وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقا)، وتدفع باسلحة ثقيلة واخرى نوعية لصالحهما.
المتوقع، سيكون هناك تحشيدا بالمقابل لكن اتوقعه سيكون متأخرا بعد ان تصل الامور لاسوئها ولندخل لموجة جديدة من التطرف وكتابات تحريضية انهم قتلونا وهجرونا متناسين من بدأ هذه المعارك وكيف بدأها ولصالح من، مركزين فقط على رد الفعل.
الحقيقة ان حسابات محور المقاومة كانت مندفعة وتبين عدم صحتها بدخولها بحرب طاحنة ضد اسرائيل باسناد غزة وهم لم يكونوا يملكون قدرة الفوز، ناهيك عن انهم داخليا غير مستقرين، وصفحة ما بعد التقدير الخاطئ بدأت وكذلك سيدركون انهم تأخروا ان توسع الامر اكثر مما عليه الان.
الخلاصة: الكل الان في حالة ترقب وحيرة ولغة الطوائف والتطرف هي الغالب الان وتناسي ان ما يحدث لا فائز فيه، والكل خائف من عودة التخندق الطائفي لمرحلة تعيد سيناريو 2014 في العراق ومآسيه التي خلفت مدناً محتلة مهدمة ومدن ممتلئة بصور الشهداء وهي خاوية من الأموال، خاصة وان “العراق يعيش الان” بحالة من الفساد وتفرق وتسابق حزبي يجعله جاهزا لاي سيناريو مماثل.