تقرير: تعديل قانون الانتخابات إلى الواجهة مجدداً.. لماذا؟
متابعات|..
يرى مراقبون أن الحراك السياسي لتعديل قانون الانتخابات يهدف تحجيم طموحات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الساعي لولاية ثانية، وتقليل فرص المرشحين المستقلين.
ويقول النائب عن ائتلاف دولة القانون عارف الحمامي، في تقرير لـ”العالم الجديد”، تابعته ”جريدة“، إنه “خلال المرحلة القليلة المقبلة، سيتم طرح موضوع تعديل قانون انتخابات مجلس النواب للنقاش، والتفاوض ما بين الكتل والأحزاب السياسية، كما أن هناك رغبة سياسية بإجراء تعديل على القانون، الذي أجريت على أساسه الانتخابات البرلمانية المبكرة (السابقة)”.
ويضيف الحمامي، أن “الاختلاف في وجهات النظر قائم بين الكتل والأحزاب السياسية بشأن شكل القانون، فهناك من يريد الإبقاء على الدوائر الانتخابية المتعددة داخل كل محافظة، وهناك من يريد العودة لجعل كل محافظة عبارة عن دائرة واحدة”، لافتا إلى أن “هذا الاختلاف قائم أيضا داخل كتل الإطار التنسيقي”.
ويبين بالقول، “كل كتلة سياسية لديها مقترح معين لشكل قانون الانتخابات، وهذه المقترحات سوف تناقش وتدرس، وسيتم الاتفاق على شكل القانون، كما أن هناك رغبة سياسية حقيقية بوضع فقرات ملزمة لكل مسؤول حكومي يريد الترشح عليه تقديم الاستقالة قبل أشهر من منصبه لمنع استغلال المنصب لأي من الأغراض الانتخابية، وهذا الأمر يشمل كل المسؤولين في الدولة دون أي استثناء”.
وكانت اللجنة القانونية النيابية قد نفت يوم أمس السبت، المعلومات التي تحدثت عن وصول مسودة جديدة لقانون الانتخابات إلى مجلس النواب، لافتة إلى أن هذا الأمر يمكن أن يطرح ما بعد انتهاء العطلة التشريعية، أي بداية السنة القادمة.
يذكر أن رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، قد أكد قبل أيام في تصريح سابق، رغبته بالإسراع في تعديل قانون الانتخابات وإقراره، حيث قال إنه طلب من رئيس مجلس النواب الجديد محمود المشهداني، مشيرا إلى وجود مسودة قانون مكتوب لدى رئاسة الجمهورية، وطلبنا منها تحويله إلى الحكومة أو مباشرة إلى البرلمان لكي نؤهل ونهيّئ أنفسنا لاستقبال الانتخابات القادمة.
وكان نواب قد أقروا بصعوبة تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين كبار الكتل السياسية، منوهين إلى أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية، ولذا تم تأجيل هذا التعديل لحين حسم القوانين الخلافية المعلقة منذ أشهر دون التصويت عليها.
من جهته، يقول عضو اللجنة القانونية النيابية محمد عنوز، إن “هناك خللا واضحا في عمل مجلس النواب، وكذلك العملية السياسية بصورة عامة وعمل الأحزاب، إذ لا يوجد ما يدعو إلى تعديل قانون الانتخابات مع إجراء أي انتخابات جديدة، فهذا يدل على المزاجية السياسية والحزبية في التحكم بهكذا قوانين مهمة”.
ويوضح عنوز، أن “بعض الكتل والأحزاب المتنفذة ترغب بتمرير قانون على مقاسها مع كل دورة انتخابية، مما يمكنها من الحصول على أغلبية المقاعد، ولذا فإنها تسعى لتعديل القانون وفق ما تشاء، ووفق ما يخدم أجندتها السياسية والحزبية، وهو ما تخطط له تلك الكتل خلال المرحلة المقبلة”.
ويضيف أن “تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، لن يكون بالأمر السهل لكثرة الاختلافات عليه حتى داخل التحالفات الواحدة، بل حتى ما بين النواب أنفسهم، فكل جهة تخطط لقانون يضمن فوزها في الانتخابات المقبلة، ولذا فالتعديل ليس بالسهل، وربما تدفع الخلافات بين الكتل للإبقاء على نفس القانون السابق، الذي أجريت الانتخابات المبكرة على مقاسه”.
وشهد العراق تشريع ستة قوانين انتخابية منذ عام 2003، الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة، مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.
ورغم اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلا تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.
وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.
وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 مارس 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.
إلى ذلك، يرى الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، أن “قوى سياسية داخل الإطار التنسيقي هي من دفعت نحو تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، بهدف تقويض حظوظ السوداني وكتلته في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهي من تريد إعادة الدوائر الانتخابية المتعددة، بالرغم من أنها كانت تعارضها سابقا”.
وكانت تصريحات نائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، في آب أغسطس الماضي، حول وجود صفقة “إطارية – رئاسية” يجري العمل عليها لتعديل قانون الانتخابات وتحجيم شعبية رئيس الحكومة محمد شياع السوداني انتخابيا، قد أثارت غضب رئاسة الجمهورية، واصفة إياها بـ”الشائعات” من أجل إرباك الساحة السياسية، ملوحة بمقاضاته.
ويبين التميمي، أن “طرح تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، سوف يسبب خلافات ومشاكل سياسية مختلفة، حتى بين القوى المتحالفة فيما بينها سواء داخل الإطار التنسيقي (الشيعي) أو داخل القوى السنية والكردية، فهذا القانون جدلي وعليه تحفظات كثيرة”.
ويردف أن “طرح هذا القانون للتعديل في ظل غياب التيار الوطني الشيعي (الصدري)، ربما سيدفعهم إلى العودة السياسية مجددا، خاصة وأن الصدريين لديهم نية بأن تكون لهم مشاركة فاعلة في انتخابات مجلس النواب، وتعديل القانون ربما يمسهم، خاصة وأنهم هم من شرع القانون الحالي الذي أجريت وفقه الانتخابات المبكرة، ولذا فإن تعديل القانون سيكون صعبا وسببا لإثارة الخلافات السياسية”.
يذكر أن مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في الـ27 من آذار مارس 2023 بحضور 218 نائبا على قانون “التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لعام 2018”.
وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول أكتوبر 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.
وبحسب سياسيين، فإن الأحزاب الناشئة والمرشحين المستقلين استفادوا من قانون الدوائر المتعددة، الذي يمنح المرشح فوزه المباشر من خلال أعداد المصوتين له، لكن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة، لكن في المقابل رأى مراقبون للشأن العراقي أن التعديلات الأخيرة تعزز هيمنة الأحزاب التقليدية على حساب القوى الناشئة.