رسائل عديدة ومتشعبة.. الجانب الآخر من زيارة بزشكيان إلى العراق
خاص|..
قدم الباحث الاستراتيجي، رمضان البدران، اليوم الجمعة، تحليلاً عن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العراق والمعاني السياسية التي تحملها من اختياره العراق كأول زيارة له للخارج إلى تقسيم جدول الزيارات والاهتمامات، متطرقاً إلى زيارة إقليم كردستان والبصرة.
وقال البدران لـ”جريدة“، إن “توقيت الزيارة فيها معاني سياسية كبيرة، الانطلاق من العراق كأول زيارة إلى الخارج تعني أن العراق هو القدم الأولى التي تعتمدها إيران كواجهة سياسية ودبلوماسية داعمة لها، وهي تريد إيصال رسالة لجميع دول المنطقة والعالم بأن العراق له الأولوية في الحسابات الإيرانية، وأن تسبق هذه الزيارة ذهابه إلى الولايات المتحدة الأميركية أيضاً فيها رسالة إلى الأخيرة ومن يتحالف معها ضد إيران بأن العراق رصيده مضمون لدى إيران، وأن العراق في الوقت ذاته يشكل في المنطقة وفي السياسة العالمية نقطة مرور إلى إيران وارتكاز واستقرار المنطقة عموماً، لذلك العراق هو الورقة البيضاء وكل الأطراف ترغب بكتابة رسائلها وتتبادلها عبره”.
وأضاف، أن “تقسيم جدول الزيارات والاهتمامات وضحت خارطة العلاقات الإيرانية مع الداخل العراقي بتفاصيلها، وليس عفوياً أن يشارك الغذاء مع المندلاوي وليس مع السوداني رغم أن المواضيع مع رئاسة الوزراء أكثر خصوبة وأهمية، ولكن هنا تأتي الأولوية للعلاقات الودية الإيرانية مع الشخصية الأكثر وهي المندلاوي، وأن الأخير أقرب للوضع الإيراني من السوداني، لاسيما وأن الأخير انتهج سياسة فيها ملامح من الاستقلال الوطني العراقي في علاقاته مع الإقليم والخارج بما لا يراعي دوماً الأجندة والأولويات الإيرانية، وبالتالي هو غير مرضي عن سياساته التي تضع السياسة والمصالح العراقية متقدمة على الوضع الإيراني في علاقاته الإقليمية والدولية”.
وتابع، “أما زيارة إقليم كردستان، فإن إيران تحاول أن تصنف الولاءات والبراءات في الإقليم، وتعتقد أن السليمانية هي الأقرب لها دوماً وهي الحليف الاستراتيجي لها، وفي الوقت ذاته تتحفظ من رئاسة الإقليم والحزب الديمقراطي الذي تراه يشابه السوداني في رؤيته الذي يحاول أن ينهج لإقليم كردستان هوية سياسية مستقلة لا تتعاطى دوماً بما تريده الأجندات الإيرانية، لذلك برزاني أو السوداني هما في كفة واحدة يقابلهم المندلاوي وطالباني”.
وأشار إلى أن “اختيار البصرة لزيارة ميدانية حتى أكثر أهمية لديه من كربلاء والنجف، وهذا يؤشر أن بزشكيان يريد القول إن البصرة كمحافظة ومحافظها هم جزء وقاعدة للحاضنة الإيرانية، وأن لدى إيران وشائج علاقة مع البصرة تفوق حتى العلاقة مع الوضع العراقي حكومة وشعباً، وأن إيران تعتبر أسعد العيداني رجلها الذي نصبته وكان وفياً لها دوماً، وفي الوقت نفسه تعتبر أن لديها قواعد كبيرة في البصرة تفوق عن أي مكان آخر في العراق، لذلك نجد نوع الاستقبال كان شعبياً وعشائرياً وجماهيرياً إلى درجة السير في شوارع البصرة واستعراض الودية والنفوذ والحضور الإيراني”.
وخلص إلى القول، “لذلك حملت زيارة بزشكيان رسائل عديدة ومتشعبة مجملها إن إيران لديها علاقات مختلفة مع العراق وتتعامل معه بالتفاصيل وليس بهوية واحدة”.