لماذا تراجعت الثقافة والجانب المعرفي عن الفرد العراقي؟


بقلم حســان الحديثــي |..

لا يستطيع أحدٌ نكرانَ التراجع الثقافي والمعرفي من جانب، كما لا يستطيع احد غض النظر عن التراجع العلمي والتربوي من جانب آخر في حياة الفرد العراقي والذي أثر على المجتمع بشكل واضح.

شخصياً أعزو ذلك لبضعة اسباب لا تخفى على كثير من المتابعين:

اولها: غياب المزاج الثقافي العام وانحسار حب الاطلاع والتعلم سواء من خلال القراءة -التي تكاد تنقرض في المجتمع الا من ذوي الاختصاص وكل في اختصاصه- او من خلال المجالس العامة التي غلب عليها طابع الاسفاف في السياسة ممن لا علم له بها، والاسراف في الدين ممن ليس له به علم ومعرفة به.
لقد امسى الجميع منظرين في هذين الموضوعين على حساب المعرفة العامة، وكلنا يعلم ان المجالس كانت بمثابة مدارس.

الامر الثاني: هو انتشار الهواتف الذكية وكثرة استخدامها وليس هنا المشكلة، المشكلة في تطبيقاتها السيئة والمنتشرة والتي شغلت الكبار والصغار عن المعرفة والاطلاع واهدرت وقتهم بمتابعة ما لا يرتجى منه فائدة من اخبار المحتوى الهابط الذي يملأ هذه التطبيقات.

الامر الثالث: هو الوضع المعيشي القلق والحياة المرتبكة للفرد والعائلة واوضاع البلد السياسية وما يشعر به الناس من حيف وظلم من كثرة البطالة وغلاء المعيشة وسوء الخدمات وقد انعكس ذلك كله على الحياة الاجتماعية برمتها وليس على الجانب الثقافي والمعرفي فقط، علماً ان الوضع الاقتصادي لوحده لم يكن عائقاً او سبباً في حالة التهشم الثقافي الحالي، لاننا لو عدنا الى الوراء خمسة او ستة عقود لوجدنا ان حب التعلم كان موجودا وان لم يعش اهل ذلك الجيل في رغد وبحبوحة.

السبب الرابع وهو الاهم برأيي؛ هو الفساد الاداري الذي تعاني منه مفاصل الدولة ومؤسساتها واصابة الناس باليأس والإحباط من الاصلاح، ولعل سائل يسأل: ما دخل الفساد في التراجع الثقافي والمعرفي؟

فأقول: ان الفساد الاداري -كما القى بظلاله على التعليم والعدالة والصحة وجميع جوانب ومرافق الحياة- يصيب ايضا ثقافة الشعوب في مقتل وقد حصل، واني من المؤمنين بأن اصلاح الدولة ومفاصلها ودوائرها وعودة عدالة وحكم القانون وتطبيقه، كل ذلك اسباب مهمة في اعادة الفرد والمجتمع الى جادة الثقافة وتحري المعلومة والميل لاكتسابها والعمل بها.

لا يمكن ان اقنع شاباً اليوم بان يكون ذا مزاج ثقافي واسلوب حضاري وهو يرى ان القدوة تقول وتتصرف بغير ذلك.
وقد قالوا قديما: الناس على دين ملوكهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار