ما حقيقة التنمية في “طريق التنمية”؟

غرفة الاخبار |..

ما حقيقة التنمية في طريق التنمية؟ سؤال يطرحه المتخصصون في الاقتصاد والهندسة الطرق والنقل وكذلك في التجارة العالمية والموانئ.

فبحسب كلام رئيس الوزراء الراعي للمشروع وكذلك الشخصيات والكتل السياسية الداعمة له عبر عدد من المحللين السياسيين والاقتصاديين في مختلف البرامج التلفزيونية والصحف والمواقع الإخبارية فإن الطريق سيحقق نقلة نوعية عن طريق توفير آلاف فرص العمل ومئات المعامل على جانبي الطريق المفترض، فضلا عن مدن جديدة على طول الخط الناقل تخلق بلدا جديدا غير العراق الممتد على طول نهرين يحتضران عطشا.

هذه الصورة الحالمة بحسب متخصصين لا علاقة لها بالواقع إطلاقا، إذ يؤكد الخبير في النقل الدولي ووزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار أن طريق التنمية ما هو إلا مصطلح للتداول الإعلامي أطلق على مشروع القناة الجافة، مبينا أن الغاية من إطلاق مصطلحات إعلامية هي التغطية على الربط السككي مع إيران والكويت.

وأوضح عبد الجبار أن مشروع الربط السككي هو قتل ميناء الفاو الكبير لأن السفن حينها لن تصل إلى ميناء الفاو وستضع حمولتها في موانئ الكويت أو إيران ومنها يتم نقل البضائع إلى العالم عن طريق السكك الحديدية المارة بالعراق.

ومن جانب آخر فإن هنالك مشاكل أخرى لا علاقة لها بالموانئ ومشاريعها المتناقضة جنوبا، ففي أقصى شمال الطريق المفترض تقع مناطق متنازع عليها في سهل نينوى، وهي مناطق مضطربة أمنيا وتنتشر فيها جماعات مسلحة كحزب العمال الكردستاني الذي تضعه تركيا على قائمة الإرهاب فكيف سيتم تأمين هذه المناطق للحفاظ على خط التجارة التركية في ظل عجز الدولة عن إيجاد لحل لنفوذ تلك الجماعات؟

وفي هذا السياق يقول الباحث في العلاقات الدولية فراس إلياس في سلسلة تغريدات إن ايران هي المتضرر الأول من مشروع طريق التنمية لأنه سيفقدها ميزة استخدامها لطريق الربط بين الشمال والجنوب عبر ميناء الخميني وحتى بحر قزوين، إلى جانب كونه يتقاطع مع الطريق البري الذي يربط إيران بالبحر الأبيض المتوسط، مضيفا أن الممر الجغرافي للمشروع معقد أمنيا، وتحديدا من الحدود التركية وحتى الموصل، حيث تتواجد عشرات الجماعات والتنظيمات المسلحة، إلى جانب ضعف سيطرة الدولة، كما يمر في جزء كبير منه في مناطق إقليم كردستان، وتحديدا المتنازع عليها، فكيف سيتم التعاطي مع إجراءات التفتيش والضريبة الكمركية، والأهم تنظيم عمليات الدخول والخروج.

وبالربط بين النظرتين جنوبا وشمالا نجد تباينا في الآراء فيما يخص المصلحة الإيرانية المتعلقة بالمشروع، فهو يضر طرقها الداخلية لكنه يمنحها ربطا سككيا يستخدم العراق “من الطول للطول” فأين تتجه البوصلة الإيرانية؟

نشرت وكالة “تسنيم” الايرانية عن مسؤول إيراني نهاية الأسبوع الماضي معلومات حول انشاء خمس مدن صناعية على الحدود العراقية – الإيرانية في إطار دعم طريق التنمية العراقي، مبينا أنه بمقدور العراق ان يشكل رابطا بين الخليج مع اوروبا مستقبلا، وأن يران ستستخدم الطريق لتصدير منتجاتها الى افريقيا واوروبا أيضا.

ومما يستنتج من هذا التصريح أن إيران تنظر للمشروع على أنه ورقة يمكن أن تستخدمها لمصلحتها الخاصة، لا سيما في ظل العجز العراقي عن الاكتفاء بذاته في المجال الصناعي وسياسة إغراق السوق التي تمارسها في أسواقه منذ سنوات، ما يعني أنها ستعمل على الاستفادة من المشروع لمصلحتها لتكون المستفيد الأكبر.

وبين الآراء والمصالح المختلفة تبقى الوعود الحكومية بالمشروع الواعد متفائلة بمستقبله، لكن الحاضر الذي يعيشه المواطن يرد بأن العراق عاجز اليوم عن توفير الكهرباء فضلا عن إنشاء طريق للتنمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار