عقدان من الفوضى.. ماذا حقق العراق بعد عشرين عاما؟

تقرير.. براء سلمان |..
خاص لــ”جريدة”…
مرت الذكرى العشرون على التغيير وانتقال العراق إلى مرحلة جديدة في تاريخه أوجدت دولة جديدة لكنها حتى اليوم بلا منهجية واضحة في إدارتها، فالعقدين الماضيين شهدا من الأحداث ما لا يقل دموية عما شهده تاريخ العراق الحديث من حروب وأهوال.
الأكاديمي والباحث في الشؤون الإستراتيجية والأمن الوطني فراس إلياس ذكر لـ “جريدة” أن العراق بعد عشرين عاما من التغيير ما زال يبحث عن دولة، فرغم الدعم الدولي الذي حظيت به الطبقة السياسية والقائمين عليها، لم تستطع هذه الطبقة أن تؤسس لعملية سياسية صحية في البلاد، وأن الفارق الوحيد هو أن العراق تحول من دولة تحكمها مؤسسة الحزب الواحد، إلى دولة تتنازعها مؤسسات تابعة لأحزاب سياسية، جعلت من العملية الديمقراطية أشبه باتفاق نخبوي لتوزيع الموارد الاقتصادية.
ويضيف إلياس أن الواقع السياسي أشر بصورة واضحة لعمق الازمة السياسية التي تعيشها البلاد، فالقوى المعارضة لنظام صدام حسين لم تتحول حتى الآن لقوى دولة، والأكثر من ذلك أنها ساهمت بطريقة أو بأخرى بتعطيل مشروع بناء الدولة، عبر إنشاء دول موازية داخل الدولة، تحتكر قوة السلاح وفرض القانون، وتسيطر على الريع الاقتصادي، حتى أصبح العراق جمهورية بلا دولة.
ويؤكد إلياس أن حلم بناء الدولة ومؤسساتها ما زال مؤجلا في العراق، بفعل الأدوار التي تقوم بها القوى السياسية من جهة، والادوار الإقليمية والدولية من جهة أخرى، والتي تحرص جميعها على إبقاء العراق ضمن معادلة اللا دولة، لما توفره هذه المعادلة من منافع متبادلة بين القوى السياسية والراعي الإقليمي والدولي.
بالمقابل يرى رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية د. عدنان السراج أنه لابد من الاعتراف بان عمليه التغيير أحدثت واقعا جديدا وتصورات وفلسفة جديدة لطبيعة إدارة المجتمع العراقي، لكن هذه الفلسفة ليس من السهولة إعطاؤها درجة من الكمال بسبب وجود تناقضات عديدة.
مضيفا أن التغيير حصل وأعقبته جملة من التداعيات بسبب اختلاف الرؤى في مستقبل العراق وطبيعة الترسبات التي خلفها النظام السابق، إذ أوجدت جوا من عدم الثقة بين مكونات الشعب، وعززت الشك في القدرة على التعايش، انعكست على رؤية الدولة في العراق.
ويستدرك السراج في حديثه لـ “جريدة” أنه من الممكن القول إن العراق خطى خطوات جيدة في مجال التغيير على مستوى معيشة المواطنين متمثلة بمسالة تحسن الرواتب، فضلا عن الحريات وطبيعة التبادل السلمي للسلطة وتطبيق الديمقراطية وإجراء الانتخابات والعديد من الأمور، مضيفا أن التغيير لابد ان يترافق مع اخطاء طالما أن هناك قوى خارجية تتدخل في الشأن العراقي، كما أن هذا التدخل ما يزال تأثيره قائما بحدود التفاهمات الإقليمية.
ويرى الباحث والكاتب في الشأن السياسي أثير الشرع أن الواقع المرير الذي شهده العراق والصراع على المكاسب والثروات أوجدت لدى المواطن حالة من عدم الرضى عن التغيير الحاصل بعد عام 2003 رغم انه كان يسعى للخلاص من النظام الديكتاتوري السابق.
وبعد عشرين عاما على التغيير فإن العراقي اليوم يأمل في حدوث تغيير آخر تكون ثروات البلد من خلاله بيد أبناءه، وأن يعيش الجميع في مأمن تحت سلطة عادلة بعيدة عن التحاصص الحزبي، وما تزال الآمال قائمة في ان تكون هناك جدية بالتعامل مع مشاكل المواطن وتوفير سبل العيش الكريم له.
ويضيف الشرع أن الديمقراطية لم تحقق حلم المواطنين، مبينا أنه أجرى إستبيانا أظهر تفضيل فئة من المواطنين للديكتاتورية على الديمقراطية التي لم توفر لهم ابسط مقومات العيش الرغيد.
وأوضح الشرع في حوار خاص مع “جريدة” أن هنالك رغبة بتغيير النظام النيابي نحو النظام الرئاسي او شبه الرئاسي، فالمواطن العراقي اليوم لا يمكن ان يقبل بما يعيشه من فشل في تحقيق أي تغيير إيجابي.