بغداد تختنق.. خبير بيئي يدق ناقوس الخطر ويكشف “مناطق الموت الصامت”

خاص|

حذّر خبير البيئة تحسين الموسوي من تفاقم مستويات الغازات السامة في العاصمة بغداد خلال الأيام الأخيرة، مؤكداً أن موجة التلوث الأخيرة لم تكن مفاجِئة للمتخصصين، بل هي امتداد لمشكلة مزمنة تعاني منها أطراف العاصمة، خاصة مناطق بسمايا والنهروان وبغداد الجديدة، حيث تشهد تلك المناطق يومياً – ولا سيما ليلاً – انعدامًا شبه كامل للرؤية وتأثيرات مباشرة على صحة السكان.

وقال الموسوي لـ“منصة جريدة” إن التلوث البيئي في بغداد “ليس حدثًا جديدًا”، وإن مسبباته معروفة للجميع، مشيراً إلى أن العوامل المساعدة على تدهور البيئة لا تتراجع، بل تتضاعف. وأوضح أن وجود مصفى الدورة في قلب العاصمة—وهو مصمم لمدينة عدد سكانها نصف مليون فقط—أصبح أحد أبرز مصادر التلوث في ظل وصول عدد سكان بغداد إلى نحو 12 مليون نسمة.

وأضاف أن العاصمة تعاني من تراكم مصادر التلوث، بينها عوادم السيارات داخل بغداد والوافدة من المحافظات، والمولدات، ومخلفات النفط والطمر الصحي غير السليم، والنفايات الصحية، ومخلفات مؤسسات الدولة. كما أشار إلى وجود 700–800 معمل طابوق حول بغداد تستخدم النفط الأسود عالي الكبريت، إلى جانب محطات كهرباء تفتقر إلى أنظمة السيطرة البيئية.

وأشار الموسوي إلى أن اختفاء المساحات الخضراء والتوسع العمراني العشوائي والطرق الجديدة والجسور كلها عوامل تزيد من نسب الملوثات، محذراً من ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكبريت على نحو خطير قد يؤدي إلى حالات اختناق أو حتى الوفاة إذا تجاوز الحدود المسموح بها، مع كون مرضى الربو الأكثر عرضة للتأثر.

وأكد الخبير البيئي أن التقارير العالمية تربط زيادة بعض الغازات المسرطنة بارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، في ظل غياب إحصاءات رسمية دقيقة من وزارة الصحة، واعتماد أغلب المرضى على العيادات الخاصة بدل المستشفيات الحكومية التي تفتقر للمستلزمات. وأضاف أن حتى الأوكسجين “أصبح الناس توفره في بيوتها”، بينما الحكومة لا توفر بيانات ولا تحذيرات وقائية.

وانتقد الموسوي ما وصفه بـ”الغياب الكامل للحلول وغياب الجدية لدى الجهات المختصة”، لافتاً إلى أن وزارة البيئة لا تمتلك أدوات رادعة ولا قوانين تُطبّق لإيقاف الانتهاكات البيئية، سواء في تلوث المياه، أو التربة، أو الهواء. وذكّر بأن أزمة المياه الأخيرة أظهرت حجم الفوضى بوجود “آلاف البحيرات والآبار المتجاوزة” إلى جانب المخلفات الصناعية والطبية.

وختم قائلاً إن الحلول البيئية ليست معجزة، بل تتطلب إدارة حكيمة، وقوانين رادعة، وتوعية مجتمعية، وبدائل عملية، مضيفًا: “للأسف لا توجد اليوم أي جدية حقيقية لمعالجة الأزمة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار