أكاديمي يقدم لـ”جريدة”: تحليلاً عن آخر تطورات الوضع السياسي وكواليس تحركات القادة

خاص|
في حديثه حول الحراك السياسي الحالي لتشكيل الحكومة العراقية القادمة، أشار الباحث السياسي والأكاديمي حسام ممدوح إلى أن هذا الحراك الذي بدأ منذ اليوم التالي لإعلان النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية 2025 يمثل إعادة للمشهد نفسه الذي شهدته الانتخابات السابقة.
وقال ممدوح في حديث لـ“منصة جريدة” إن الحراك الجاري يشبه إلى حد كبير ما جرى في عمليات تشكيل الحكومات السابقة.
وأوضح ممدوح أن نتائج الانتخابات لم تُحدث تحولات كبيرة على مستوى القوى السياسية في العراق، بل أن الوضع يشير إلى عملية إعادة توزيع للأدوار بين ذات القوى السياسية.
وأضاف: “إن أوزان القوى السياسية لا زالت كما هي، خاصة تلك التي تعلن نفسها قوة معبرة عن التكوين الديمغرافي للشعب العراقي، سواء على المستوى السني أو الكردي أو الشيعي. وبالتالي، هذا الحراك السياسي لم يحمل شيئًا جديدًا.”
وأضاف الأكاديمي ممدوح أن الإطار التنسيقي الذي شكل الحكومة العراقية السابقة أكد عزمه على توحيد الصفوف وتشكيل الحكومة المقبلة، مشيرًا إلى أنه بدأ بالفعل بتحديد مواصفات الشخصية التي سترشح لمنصب رئيس مجلس الوزراء.
وأكد أن الإطار التنسيقي سيستمر في تحالفاته مع القوى السياسية الشيعية، في حين أن تحالف “الإعمار والتنمية” بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد يشهد شقاقات قد تسفر عن استمالته إلى الإطار التنسيقي، أو ربما يتقلص تأثيره داخل هذا التحالف.
وأوضح ممدوح أن “التحالفات الشيعية ستكون أساسية في تشكيل الحكومة، لكن التركيز سيكون على التحالف مع الأكراد، حيث يجمع تاريخ طويل بين القوى الشيعية التقليدية، مثل حزب الدعوة ومنظمة بدر، وبين القوى الكردية، خاصة في ملف رئاسة الجمهورية.”
وقال ممدوح إن الإطار التنسيقي سيعمل على منح الأكراد منصب رئيس الجمهورية، بينما ستتجه القوى السنية إلى توحيد صفوفها داخل تحالف جديد، مما قد يسفر عن منح منصب رئيس مجلس النواب للعرب السنة.
وأشار ممدوح إلى أن القوى السياسية التي تعبر عن الطيف السني ستدخل الانتخابات ككتلة واحدة، في إطار تجمع سني كبير، وسيتنظم هذا التحالف مع القوى الشيعية والأكراد ضمن حكومة توافقية.
وأضاف: “أي قوة سياسية ستنعزل عن هذا التحالف ستكون في عزلة سياسية، كما حدث في حكومات سابقة، حيث يصعب على أي حزب أن يكون جزءًا من الحكومة القادمة بدون التنسيق مع القوى الكبرى.”
وفيما يتعلق بنظام الانتخابات، أكد ممدوح أن معادلة “سانت ليغو 1.7” التي تستخدم في توزيع الأصوات قد أسفرت عن نتائج تُبقي القوى السياسية الكبرى مسيطرة على المشهد، في حين أن الأحزاب الصغيرة والمستقلة غالبًا ما تكون غائبة عن المراكز المتقدمة.
وقال: “هذا النظام يفرز ترتيبًا برلمانيًا تتحكم فيه القوى السياسية الكبرى، ما يساهم في بقاء الوضع السياسي كما هو دون تغييرات جذرية.”
واختتم ممدوح حديثه بالإشارة إلى أن التغيير الوحيد الذي قد يطرأ على الحكومة المقبلة هو زيادة تأثير الفصائل المسلحة، التي باتت تلعب دورًا أكبر من المرات السابقة.
وأضاف: “هذا التغير قد يؤدي إلى ضغوط إقليمية ودولية أكبر على الحكومة العراقية القادمة، في ظل تزايد تدخلات القوى الإقليمية والعالمية في الشأن العراقي.”
وأشار إلى أن هذه الديناميكيات قد تفتح الطريق أمام تحولات إقليمية ودولية في العلاقات العراقية، لكنها لن تغير بشكل كبير من الشكل التقليدي لتشكيل الحكومة الذي ساد منذ عام 2003 وحتى اليوم.
في الختام، أكد ممدوح أن الحراك السياسي الحالي، رغم التحركات الكبيرة، يعكس استمرارية الوضع القائم دون تغييرات كبيرة في تركيبة القوى السياسية العراقية، مع استمرار التوافقات التقليدية بين المكونات الثلاثة: الشيعة والسنة والأكراد.



