رمضان البدران: العراق أمام اختبار أميركي جديد.. والحزم قد يكون الخيار الأخير

خاص|

أكد الباحث الستراتيجي رمضان البدران أن الملف العراقي بات محوراً رئيسياً في مقاربة الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، نظراً لطبيعة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يواجهها العراق، ولانعكاسات تلك التحديات على استقرار المنطقة والمصالح الغربية.

وأوضح البدران في تصريح لـ“منصة جريدة” أن “إدارة ترامب تنظر إلى الحكومة العراقية على أنها حكومة ضعيفة أمام سلطة الجهات الموازية، وفي مقدمتها بعض الفصائل المسلحة التي باتت — بحسب تعبيره — تُمارس نفوذاً واسعاً على حساب مؤسسات الدولة، الأمر الذي جعل الحكومة وسيطاً بين تلك القوى وواشنطن، دون امتلاكها القدرة على ضبط السلاح أو فرض القانون”.

وأشار الباحث إلى أن “من أولويات الإدارة الأميركية الجديدة إنهاء نفوذ الفصائل المسلحة وتقليص المظلّة القانونية التي تتحرك ضمنها، بما في ذلك الارتباط بشكل أو بآخر بهيئة الحشد الشعبي، مشيراً إلى تكرار الانتهاكات العلنية ضد القانون وهيبة الدولة ومسؤوليها دون محاسبة”.

وفي محور الفساد، أكد البدران أن “العراق بات يشهد مظاهر فساد متصاعدة أثرت على الشركات الأميركية والغربية العاملة داخله، ما أدى إلى انسحابات قسرية ومنح مشاريع استراتيجية إلى الصين، وهو ما يُعد مؤشراً سلبياً يثير حفيظة الغرب ويخلق فجوة في المصالح الاقتصادية المشتركة”.

وحول البعد الإقليمي، اعتبر البدران أن العراق أصبح مصدر تهديد لاستقرار المنطقة نتيجة أنشطة بعض الفصائل وسلوكياتها العابرة للحدود، مستشهداً بهجمات استهدفت إقليم كردستان ومقار عسكرية، دون إعلان حكومي واضح للجهات المسؤولة، إضافة إلى تداعيات ضرب أهداف داخل الأراضي العراقية من قبل إسرائيل، وما تبع ذلك من دعوى أمام مجلس الأمن.

وأضاف أن الاستمرار في المطالبة بخروج القوات الأجنبية قد يفتح الباب أمام سيناريوهات خطرة، منها انزلاق العراق إلى نماذج مشابهة لـ اليمن تحت سيطرة جماعات مسلحة، أو الدخول في صدامات داخلية تمزق مؤسسات الأمن، كما حدث في السودان.

وحول تعيين مبعوث رئاسي أميركي خاص إلى العراق، أكد البدران أن هذه الخطوة تمثل محاولة لفتح الملف العراقي بشكل مباشر عبر منصة اتصال دائمة (Liaison) تُعنى بإدارة الحوار وتخفيف الأزمات، مع إمكانية تطورها لاحقاً إلى مفاوضات سياسية مع جهات مختلفة داخل العراق، إذا استدعت الظروف ذلك.

وبيّن أن الصلاحيات والحركة السياسية لهذا المبعوث قد تتزايد بمرور الوقت، لكنه لن يمتلك ذات نفوذ شخصيات أميركية سابقة كانت لديها علاقات عميقة مع ترامب. ولفت إلى أن واشنطن تعمل وفق سقف زمني للحوار؛ وفي حال فشلت أدوات التهدئة والتفاهم، فإن الحزم والقوة سيكونان خياراً محتملاً — كما حدث مع إيران وأحداث غزة وحتى في الصراع الأوكراني.

وحذّر البدران الأطراف العراقية من تبديد الوقت والتعامل مع الحوار باستخفاف، مشيراً إلى أن رهان اختطاف العراق وابتزازه عبر تصادم القوى قد يحقق أهدافاً محدودة على المدى القصير، لكنه في المقابل يكلف العراق أثماناً مضاعفة ويعمّق أزماته الداخلية.

وختم الباحث تصريحه بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستشهد رقابة أميركية متصاعدة على التفاصيل العراقية، وأن التعامل مع هذا الواقع يجب أن يكون مسؤولاً ومنضبطاً لتجنب سيناريوهات الصدام والفوضى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار