المرشح “السوبر” يحرج وزير الدفاع بفيديو التبليط.. الكرغولي مهدد بالطرد من السباق الانتخابي!
ضجة واسعة وجدل

متابعات
إحراج كبير تلقّاه تحالف “الحسم” بقيادة وزير الدفاع ثابت العباسي، بعد تداول مقاطع مرئية تُظهر أحد مرشحيه، وهو يطلق مشروع تبليط، في مناطق جنوب بغداد، بشكل مباشر أمام الكاميرات، مستغلاً بذلك اسم “الوزارة”.
المشهد الذي سرعان ما أثار ضجة على مواقع التواصل، ظهر فيه المرشح صلاح الكرغولي وهو يفتتح مشروع “إكساء” طرقات داخل القرى، مرددًا وعودًا بوصول “التبليط حتى باب البيت”، ما أثار استغراب متابعين من تسخير مؤسسات الدولة بهذا الشكل الفج، لصالح دعاية انتخابية، تخلو من أي غطاء قانوني أو برنامج سياسي.
الكرغولي، الذي يُعد من “المرشحين السوبر” داخل كتلته، لم يتردد في ذكر اسم وزير الدفاع علنًا خلال ظهوره، مؤكدًا أن “العمل يتم تحت مظلة الوزير، وهو ما يضعه –بحسب خبراء قانون– على مسار قد يحرمه من خوض السباق الانتخابي، إن لم يُحاسب وفقًا للقانون”.
ودفعت الخروقات التي رافقت هذه الحملة، إلى تساؤلات عن غياب مفوضية الانتخابات، وتراخي الجهات الرقابية، وسط صمت رسمي، في وقت تُمارس فيه الدعاية بأسلوب أشبه بـ”شراء الولاءات” مقابل خدمات إسفلتية تُوزع كما لو كانت صدقات.
وضوح القوانين
وفي هذا السياق، أكد الخبير القانوني وائل منذر أن “القانون العراقي واضح وصريح فيما يتعلق بمنع استغلال المرشحين أو موظفي الدولة لموارد الدولة أو النفوذ الوظيفي لأغراض انتخابية”، مشيرًا إلى أن “مثل هذه التصرفات تشكل جريمة انتخابية بحسب المادة (41) من قانون الانتخابات”.
وأوضح منذر لـ“منصة جريدة” أن “العقوبة القانونية لهذه الجريمة تتراوح بين الحبس من شهر إلى ستة أشهر، بالإضافة إلى غرامة مالية قد تصل إلى خمسة ملايين دينار عراقي”، مشيرًا إلى أن “ذلك قد يُفضي كذلك إلى استبعاد المرشح من السباق الانتخابي في حال إدانته، كونه سيُعد حينها شخصًا محكوماً عليه”.
وأضاف أن “هذه الانتهاكات تُعد جرائم انتخابية يُمكن تحريك دعاوى جزائية بشأنها، إذا تم توثيقها أو تقديم أدلة واضحة بشأنها من قبل المواطنين أو الجهات الرقابية المختصة”.
مزاد مفتوح
وتزامن ظهور الكرغولي مع بدء العد التنازلي للسباق الانتخابي، ليُعيد إلى الواجهة الجدل حول نوعية المرشحين الذين يظهرون فجأة في موسم الانتخابات، ويغيبون عن الجمهور طيلة السنوات الأربع الماضية، دون أن يُعرف لهم مشروع أو موقف سياسي.
وهذا النمط من المرشحين –وفق مراقبين– يتعامل مع ناخبيه كما لو كانوا زبائن في مزاد مفتوح، يُعرض فيه التبليط وكأنه “هبة”، وتُنفذ الخدمات على عجل، مقابل وعود انتخابية غير قابلة للصرف بعد انتهاء التصويت.
وضجّت مواقع التواصل خلال اليومين الماضيين بصور ومقاطع مرئية توثق عمليات التبليط التي أُنجزت أمام عدد من البيوت، وسط إشراف مباشر من الكرغولي، ووعود بتوسيع المشروع نحو منازل أخرى، وهو ما وُصف بأنه توظيف صريح للمال العام في سياق الحملات الانتخابية.
والمفارقة أن هذه الممارسات لا تقتصر على الكرغولي وحده، بل تُظهر – بحسب مختصين في الشأن الانتخابي – خللًا بنيويًا في فهم العمل السياسي، حيث تُستبدل البرامج والمواقف بالمقاولات السريعة، وتُدار الحملات بعقلية “المشروع الخدمي الموسمي”، لا بمنهج وطني متكامل.
ضمان النزاهة
وفي سياق متصل، أكّد الخبير القانوني محمد العبدلي أن “قانون انتخابات مجلس النواب النافذ يمنع بشكل صريح موظفي الدولة والقطاع العام والسلطات المحلية، بما في ذلك الأجهزة الأمنية والعسكرية، من استعمال نفوذهم الوظيفي أو موارد الدولة وأجهزتها لصالح أنفسهم أو أي مرشح، سواء عبر الدعاية الانتخابية أو التأثير على إرادة الناخبين”.
وأوضح العبدلي لـ“منصة جريدة” أن “القانون يعاقب المخالفين بالحبس مدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على ستة أشهر، بالإضافة إلى غرامة مالية لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار عراقي، باعتبار هذه الممارسات خرقاً واضحاً للنزاهة الانتخابية ومساساً بعدالة التنافس الديمقراطي”.
وشدد العبدلي على أن “نجاح الانتخابات لا يكمن فقط في إجرائها، بل في ضمان حياد أجهزة الدولة وعدم استغلال السلطة والنفوذ، داعياً إلى تفعيل الرقابة القانونية والقضائية بشكل صارم، وتوفير حماية حقيقية لنزاهة العملية الانتخابية”.
وما حدث في حالة الكرغولي – وفق مراقبين – ليس تفصيلاً هامشياً، بل مؤشر خطير على هشاشة قواعد التنافس، وتحلل المعايير، حيث يستطيع المرشح أن يختصر السياسة في “كيس إسفلت”، ويصعد المنصة حاملاً شعار “نبلط ونربح”، في غياب مَن يوقفه أو يحاسبه.




