كتلة الإعمار والتنمية: توازن استراتيجي لحماية الاستقرار وإدارة القرار

✍ :خالد الغريباوي

في مشهد سياسي معقد يتطلب الحذر والبصيرة، جاءت ولادة “كتلة الإعمار والتنمية” في مجلس النواب العراقي كاستجابة عقلانية واستباقية ، وذلك لضمان توازن قوى مستقر، يحول دون الانزلاق إلى سيناريوهات استثنائية قد تُفرض من خلال محاولات للالتفاف على الإرادة الدستورية والبرلمانية.

ان تشكيل هذه الكتلة لم يكن هدفه مجرد استعراض سياسي، بل جاء لتحصين العملية الديمقراطية ومنع أي التفاف على المسار الدستوري عبر أطروحات الطوارئ، التي غالبًا ما تُستخدم كذريعة لتعطيل الحياة السياسية وتقويض الاستحقاقات الشعبية. الكتلة أصبحت بمثابة صمام أمان يُبقي المسار السياسي ضمن الإطار الدستوري والمؤسساتي.

إلى جانب البُعد الداخلي، تمثل الكتلة أداة دعم قوية لموقف الحكومة في الملفات الوطنية، وفي مقدمتها قضية خور عبد الله. فهي تؤمّن غطاءً سياسيًا وتشريعيًا يعزز الموقف العراقي في الدفاع عن السيادة الوطنية، ويدعم قرارات المحكمة الاتحادية باعتبارها المرجع الأعلى للفصل في النزاعات ذات البعد القانوني والدستوري.

كتلة الإعمار والتنمية سترسخ موقعها بوصفها “الثلث الوطني” داخل مجلس النواب، وهو ما أتاح لها دورًا محوريًا في إعادة ضبط معادلة السلطة التشريعية. فهذه الكتلة لا تسعى إلى التعطيل، بل إلى حماية القرار الوطني من الضغوط والمساومات السياسية، وضمان أن يبقى العمل البرلماني منسجمًا مع تطلعات الشعب وأولويات الدولة.

هذا “الثلث الوطني” أصبح الان قوة توازن بنّاءة، تمتلك من جهة القدرة على منع تمرير أية قرارات في المستقبل قد تمس بالمصالح الوطنية أو تفتح الباب أمام الأجندات الخارجية، ومن جهة أخرى، باتت قادرة على الدعوة لعقد الجلسات الطارئة وتمرير القوانين الإصلاحية التي تعزز مسار التنمية والاستقرار.

وهكذا ستكون الكتلة عنصرًا فاعلًا ومؤثرًا في المشهد السياسي القادم، حيث ستمارس ضغطًا إيجابيًا يهدف إلى حماية المسار الديمقراطي من محاولات التعطيل التي قد تصدر عن أطراف متباينة في توجهاتها، سواء كانت شيعية أو سنية أو كوردية، وتمنح الحكومة سندًا سياسيًا، هذا التموضع الاستراتيجي سيمنح الكتلة ثقلاً نوعيًا في المعادلة البرلمانية، لتصبح مستقبلاً طرفًا ضاغطًا ومتوازنًا في آن واحد، أمام جميع القوى السياسية ، التي قد تسعى إلى إضعاف الحكومة أو عرقلة برامجها الإصلاحية والتنموية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار