حاملات الطائرات الامريكية: ثلاثية الردع المتكامل في الشرق الاوسط

بقلم/ مجاهد الصميدعي
في خضم التوترات الإقليمية وتبدلات الموازين في الشرق الأوسط، قد يتواجد في البحر أكثر من حاملة طائرات أمريكية تعمل ضمن مهام مختلفة، مثل “نيميتز”، و”كارل فينسون”، و”جيرالد فورد”. هذه الحاملات، رغم تشابهها من حيث البنية العامة، إلا أن كل واحدة منها تنتمي إلى جيل مختلف، وتحمل وظائف تقنية وعملية خاصة بها تجعلها تؤدي دورًا مختلفًا عن الأخرى.
“جيرالد فورد” تُعد الأحدث من بين هذه الحاملات، وتعمل وفق نظام تكنولوجي متطور يشمل أنظمة إطلاق كهربائية للطائرات وأنظمة تحكم رقمية. يُخصص لها عادة دور القيادة والتنسيق في العمليات متعددة الجبهات، خاصةً تلك التي تتطلب كثافة جوية عالية أو سرعة استجابة. من جهة أخرى، “كارل فينسون” تتميز بمرونتها في استخدام المقاتلات الشبحية والطائرات المخصصة للحرب الإلكترونية، ما يجعلها مناسبة لمهام ذات طبيعة تكتيكية، مثل التشويش أو اختراق الدفاعات الجوية.
أما “نيميتز”، وهي من أقدم حاملات الطائرات النووية العاملة، فتظل حاملة ذات طابع تقليدي أكثر، ويُعتمد عليها عادة في المهام المستقرة والمباشرة، خاصة تلك التي تتطلب تواجدًا طويل الأمد في منطقة معينة. تاريخ عملها الطويل أتاح تكييفها مع مختلف السيناريوهات العملياتية، مما يجعل دورها تكميليًا عند دمجها في تشكيل بحري مشترك.
عند وجود هذه الحاملات الثلاث في مسرح عمليات واحد، يتم توزيع المهام بينها بشكل يُراعي الخصائص التقنية لكل منها. في سيناريو كهذا، يمكن أن تقوم “جيرالد فورد” بإدارة العمليات الجوية والقيادة العامة، في حين تنفذ “كارل فينسون” مهام هجومية أو استطلاعية حساسة، بينما تركز “نيميتز” على الدعم اللوجستي والضربات التقليدية.
هذا النوع من التنسيق ليس جديدًا في الفكر العسكري الأمريكي، بل يأتي ضمن مفهوم “المجموعة الهجومية المتكاملة”، حيث تعمل عدة حاملات طائرات معًا بترتيب أدوار متكامل، لا يعتمد على التفوق الفردي بل على التكامل العملياتي بين القدرات.
وجود أكثر من حاملة طائرات في ساحة واحدة لا يعني بالضرورة التصعيد، لكنه يُستخدم في أحيان كثيرة كأداة انتشار وتوزيع للموارد العسكرية على امتداد رقعة جغرافية متقلبة. الطريقة التي تُوظف بها هذه الحاملات تعتمد كليًا على السياق السياسي والعسكري الذي تحيط به المنطقة في حينه، وهو ما يجعل تحركاتها موضوعًا دائمًا للتحليل والتأويل من مختلف الأطراف.