مصنع الأبطال أم ميدان الموت؟.. الأعسم يحمّل القيادات العسكرية مسؤولية وفاة طلاب الكلية

خاص|
قال الخبير الأمني صفاء الأعسم، إن الكلية العسكرية “هي مصنع الأبطال، وجهة تصنع من الشباب رجالًا يملكون القوة والقسوة وظروف التحمل”، لكنه أضاف أن هذا لا يعني تحميل الطالب أكثر من طاقته الجسدية، موضحاً أن “من غير المعقول أن يتم إبقاء الطالب تحت الشمس بدرجة حرارة 48 مئوية لمدة 8 ساعات، لأن ذلك قد يؤدي إلى وفاته مهما بلغت قدرته على التحمل”.
وذكر الأعسم في تصريح لـ “منصة جريدة”، أن “العقوبة التي صدرت بحق الفريق ناصر الغنام، آمر الكلية العسكرية، قد تكون مبررة إذا كان هو من وجه بإجراء التدريب بهذه الطريقة وفي هذه الظروف، وبالتالي فهو يتحمّل مسؤولية وفاة الطالبين. أما إذا كان ما جرى نتيجة تصرف شخصي من آمر الفوج، فيجب أن يُحاسب هذا الأخير محاسبة عالية، لأنه لو كان يعيش نفس الظروف مع الطلبة في الميدان، لربما كان قد توفي أيضاً”.
وتابع: “عدد الطلبة في الفصيل كان، حسب معلوماتي، أكثر من عشرين شخصاً، وقد تعرض ثمانية منهم إلى الإغماء، ما أدى إلى وفاة اثنين، وهذا يعني أن أكثر من عشرين طالباً اجتازوا المرحلة، مما يعود إلى الفروقات في البنية الجسدية، لكنه لا يعفي المسؤولين من المحاسبة”.
وشدد الأعسم على أن “العقوبة لا يجب أن تقتصر على إنهاء الخدمة فقط، بل يجب أن تصل إلى محاسبة آمر الفوج وآمر مدرسة التدريب والمعسكر والمعلمين الذين ضغطوا على الطلاب الجدد في ظروف قاسية”، مضيفاً أن “التدريب يجب أن يخضع لضوابط صارمة تراعي طبيعة المناخ العراقي، خاصة في فترات الصيف، إذ وصلت درجات الحرارة في الناصرية إلى 48 درجة مئوية، وهي حرارة لا يُسمح أصلاً بالتدريب تحتها”.
وأشار إلى أن “بعض التدريبات، مثل تلك التي تُجرى في القوات الخاصة، تشمل السير لمسافات طويلة تبلغ سبعة كيلومترات مع حمل كامل التجهيز العسكري، مثل الزمزمية، الجعبة، السلاح، الخوذة، وفرش النوم، وذلك لأن طبيعة هذه القوات تتطلب قدرة عالية على التحمل”، لكنه استدرك قائلاً إن “الفرق كبير بين مسافة تُقطع خلال ساعة وبين تدريب يستمر سبع ساعات متواصلة تحت الشمس”.
كما انتقد الأعسم آلية قبول الطلاب في الكلية العسكرية، قائلاً إن “الخلل لا يقتصر على التدريب بل يشمل مراحل القبول أيضاً، فلو أن الطالب غير مهيأ لتحمل هذه الظروف، فإن من وافق على قبوله يتحمل جزءاً من المسؤولية. سابقاً، كان اختبار القبول يتضمن الركض لخمس كيلومترات، أداء خمس وعشرين حركة شناو، وتسلق الحبال لتسعة أمتار، وهذه معايير تقيس فعلياً قدرة التحمل”.
وختم الأعسم بالقول إن “إجراء رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بإحالة بعض الضباط إلى التقاعد كان قراراً حكيمًا، ونأمل أن يكون بداية لمراجعة دقيقة وشاملة لملف التدريب والقبول في الكلية العسكرية”.