البدران: أمريكا ترفض شراء صداقات خاسرة.. وشيعة العراق على مفترق الانتماء والهوية

خاص
تحدث الخبير في الشأن العراقي رمضان البدران، عن تعقيدات الواقع السياسي في العراق بعد أكثر من عقدين على التغيير، مشيرًا إلى أن البلاد اليوم تعاني من مشهد معقد جدًا، سواء في وضعها الداخلي أو في نظرة الخارج وتعاطيه معها.
وقال البدران في تصريح لـ“منصة جريدة”، إن “عراق الكرد وعلاقاتهم الخارجية غير علاقات الشيعة وعلاقاتهم الخارجية غير علاقات السنة وعلاقاتهم الخارجية، وبالتالي هذا أمر واقع”.
وأكد أن “كل طرف من الخارج يتعامل مع العراق كأمر واقع”، مضيفًا أن “الكرد قريبين من أمريكا وهناك تغييرات دولية معهم لأن منطقتهم تُعتبر هادئة ومستقرة، البوصلة مفتوحة على العالم وسلسلة أولوياتهم واضحة، وكذلك في الداخل الكردي التوازنات محسومة وهناك تطور واستقرار أكثر في الوضع السياسي، بينما معاناة الكرد هي في علاقتهم مع بغداد، وأثبتوا للعالم أنهم قدّموا تنازلات كافية لبغداد، لكن في بغداد هناك نفس يريد أن يمد الهيئة”.
وأشار إلى أن “هناك تغييرات عالية، وهناك جاذبية للمحور العربي الذي يبدأ من سوريا ولبنان مرورًا بالأردن إلى الخليج، وهذا المحور سيكون هواه إلى حد ما أمريكي، وهواه باتجاه الابراهيمية والشرق الأوسط الجديد، وستتغير بعض الأمور وتتغلف، وأشُك أن أمريكا ستضغط على هذه الدول للذهاب إلى هذا المشروع”.
وأوضح أن “أمريكا تريد لكل دولة أن تقضي ظروفها، والسبب أن العراق سيركب هذه الموجة التي يمكن أن يتناغم معها بسهولة، والسؤال: هل أمريكا ترى في شيعة العراق فرصة لكسبهم كأصدقاء، أم أن كلفة هذه الصداقة ستكون عالية جدًا؟ إذا كانت الخسائر أكبر، قد يُعتبر الشيعة من الخسائر، وبالتالي تُنظم أمريكا علاقتها مع إيران بشرطين أو خطين أحمرين: أن لا يكونوا مخلبًا أو نابًا إيرانيًا يؤذي المنطقة، وأن لا يكونوا مخلبًا أو نابًا يتطاول على النفط العراقي والخيرات العراقية. هذان الشرطان هما ما يخيف العالم من الشيعة في العراق، وما عدا ذلك فإن الشيعة يمكن أن يفتحوا أسواقهم ويخضعوا أنفسهم ويتبعوا لإيران بشكل آخر مع بقائهم ضمن اللحمة العراقية، وهذا أمر يعود لهم”.
وتابع البدران قائلاً: “فكرة الإقليم الشيعي هي حالة بين حالتين؛ دعاة الإقليم يريدون تهيئة المناخ، طالما لا سيطرة على الكرد ولا السنة، فليُسلَّم الشيعة، ويُفكك الشيعة ويُوضعوا في إطار واحد، هذا الإطار ما دام نحن على قمته فنستطيع توجيهه لاحقًا إلى الوجهة التي نريدها، وإيران ترحب بهذا الأمر. إيران تعتقد أنها غير قادرة على ابتلاع العراق كله، لكن شيعة العراق مهيئين لذلك”.
وأضاف أن “رغم أن أغلب الشيعة يرفضون إيران، إلا أن هذه الأغلبية لا تعني شيئًا؛ ما يعني هو من هو الفاعل السياسي المؤثر وصاحب الكلمة، والفاعل السياسي اليوم هو المحور الإيراني مع شيعة العراق، سواء من الفصائل أو الجماعات السياسية التي تنضوي تحت هذا الغطاء”.
وأكد أن “العراق القادم لن تُعامل معه واشنطن كشخصية مؤثرة إلا بقدر تأثيره، وهو غير مؤثر لدى الكرد وغير مؤثر لدى السنة، وتأثيره نسبي لدى الشيعة، وحجم تأثيره سيكون محدودًا وغير كافٍ لإجراء تغيير جوهري في الجنوب”.
وبيّن أن “أمريكا اليوم هي أمريكا الواقعية، وترمب رجل واقعي، ينظر للأمور كما هي؛ لا يهمه من يربح أو من يخسر، من يأتي أو يذهب، هو ينظر بواقعية، من قريب يقيس بوصلته نحو الإقدام، ومن بعيد نحو الابتعاد، يقيس كلفة كسبك وكلفة خسارتك، وهكذا تُحسب الصداقات عند ترمب”.
وأوضح أن “قاعدة ترمب في الصداقة هي أولًا أن يُقدّم الأصدقاء الحقيقيون المحبون، ومثلهم الخليج، ثم يأتي الآخرون، ويبقى مبدأ المعاملة معهم هو (win-win).
وشدد على أن “أمريكا لم تعد تشتري الزعامة لا بالمال ولا بالجيش ولا بالمساعدات، أمريكا ترمب تريد دولة عظيمة، من شاء صداقة فليصادق، ومن لم يشأ، لا حاجة لها بالخسائر لشراء صداقة أحد، ولا لشراء زعامة العالم”.
وختم البدران حديثه بالقول: “أنا أشك أن عدنان الزرفي – في كل رحلاته المكوكية – سيعوَّل عليه كثيرًا في واشنطن، لأن واشنطن لن تُتبع جهدًا عسكريًا أو ماليًا أو دبلوماسيًا كبيرًا لشراء شيعة العراق أو سنة العراق أو كرد العراق، فالجميع جاهزون لهذه المشاريع بطرق مختلفة. شيعة العراق يعيشون فوق الزمن، والذين لا يريدون ذلك، فهذا هو ما أراه. الوضع يحتاج إلى تفكيك من الداخل وتفكيك في التعاطي الخارجي مع هذا الأمر”.