في ذكرى رحيل العزيزة شيرين أبوعاقلة

بقلم/ وليد إبراهيم – صحفي عراقي
لم نعمل سوية ولم نلتقِ ابداً. كنا في مكانين منفصلين ومتباعدين. جمعتنا الجزيرة وكنا فيها زملاء مهنة.
كانت هي تغطي في فلسطين وكنت أنا في بغداد. لكن بعد المسافة لم يحُل دون التواصل بين الحين والآخر.
كان اول تواصل بيننا في آب اغسطس من العام 2016 عبر السوشيال ميديا. سألتني وقتها عن حالنا في بغداد وقرار السلطات آنذاك إغلاق مكتب الجزيرة في بغداد.
– شو عاملين مع تسكير المكتب؟
هكذا سألتني محاولة الاطمئنان إننا جميعا في بغداد بخير.
وأردفت:-
– هل الوضع امان عليكم؟
ومنذ الوهلة الاولى شعرت انني اتحدث مع انسانة كبيرة، تحمل هم الآخرين من زملاءها وتفكر بهم اكثر مما تفكر بنفسها. فالوضع الطبيعي هو اننا جميعا كنا دائمي القلق تجاه سلامة كل زملاءنا الصحفيين في فلسطين وخاصة المراسلين، سواء الذين كانوا يعملون في رام الله او القدس او في غزة، بسبب اوضاعهم الصعبة التي يعيشونها والتي يمرون بها بشكل يومي تقريبا مع قوات الاحتلال.
وعندما حدثتها عن اوضاعنا التي نمر بها كصحافيين يعملون في الجزيرة في العراق في بيئة لم تكن صالحة انذاك للعمل الصحفي بشكل عام وبالذات لطاقم قناة الجزيرة لان كل مايحيط بنا من ظروف على الارض كان معبأ ضدنا بشكل كبير جدا؛ قالت بكلمات تحمل من السخرية والألم الشي الكثير:-
– صار وضعنا أسهل منكم.
لم ينقطع التواصل بيننا. كنت في كل مرة أتلمس صدقها وعفويتها في الحديث. وكانت هاتان الصفتان متلازمتان في حديثها وسؤالها الدائم.
وعندما كانت تتواجد في القاهرة نهاية تموز من العام 2021، بعد سنوات طويلة من غياب الجزيرة عن مصر، تواصلت معها لاعبر لها عن الفرحة بتواجدها في مصر، حيث اعتقدنا لوهلة آنذاك ان ظهورها هو بمثابة عودة الجزيرة لمصر.
عرضت عليها المساعدة ان احتاجت من خلال معرفتي بزملاء صحفيين مصريين.
وبعبارات الادب والاحترام شكرتني قائلة:-
– شكرا لك وسنبقى على تواصل. انت اخ عزيز وليد.
وكالعادة لم تنسَ السوال عن باقي العاملين في بغداد وطلبت نقل سلامها للجميع.
في الثاني من كانون الثاني من العام 2022 كان آخر تواصل بيننا عندما ارسلت لها رسالة تهنئة بالعام الجديد. وبعدها بأشهر جاء خبر اغتيالها المفجع لتنتقل روحها الطاهرة الى بارئها.
واليوم وانا أستعيد هذه المحادثات السريعة في ذكرى رحيلك ياشيرين، أقول بصدق وبتجرد وبكثير من الألم؛
لازالت ذكراك في القلب حية وستبقى. فانت من يستحق ان يُذكر بكل عبارات الاحترام والتقدير.
رحلت عن هذه الدنيا، وهذه مشيئة الله سبحانه وتعالى ولا اعتراض، لكن ذكراك ستبقى عطرة تسكن كل القلوب التي أحبتك وعرفتك بحق إنسانة مخلصة صادقة وفية لمهنتها ولأهلها، وقبل كل هذا، وفية للقضية التي لم تكلِ يوماً واحداً في نقل صورتها بكل ما تحمله من الآم لكل العام.
وفي ذكرى رحيلك ياشيرين، لا أملك من القول سوى دعوة صادقة لرب العالمين أن يرحمك الله برحمته الواسعة وأن ينزلك منزلاً حسناً.