غياب الكتلة الصدرية سلطات دون توازن وإتزان

بقلم/ محمد العبدلي
لا يمكن وصف الدورات النيابية السابقة بالمثالية، بل تخللتها الكثير من الاحتدامات والمشاكل السياسية، وهي إشكاليات تزداد في الأنظمة البرلمانية بمنح دساتيرها للبرلمان السلطات العليا عبر اختيار الحكومة ومراقبة اداءها وإقالتها، فضلاً عن السلطات المعتادة للبرلمان بتشريع القوانين.
ان العمل التشريعي بالذات قائم على تحقيق الاغلبية الدستورية، بدءاً من تحقيق نصاب عقد الجلسة مروراً باقتراح التشريعات وقراءاتها انتهاءً بالتصويت النهائي عليها، وكذلك الحال في أداء الدور الرقابي على الحكومات ووزاراتها، لذا فإن أداء السلطات المذكورة من قبل البرلمان لايمكن تحققها بشكل مقبول دون انسجام مكونات البرلمان أو توازنها، ويتطلب الانسجام توافق الرؤى والاهداف لاكثر من ثلثي اعضاء البرلمان، وهو الخيار الأمثل لتمكينه من تشريع القوانين المهمة التي تسهم في تحقيق نوع من الاستقرار السياسي كقوانين المحكمة الاتحادية والنفط والغاز ومجلس الاتحاد.
أما خيار التوازن فهو الذي شهدته الدورات النيابية الاربع السابقة، بتواجد كتل كبيرة داخل البرلمان، تجعله قادر على فرز تحقق النصاب او الاغلبية المطلوبة للتشريع والرقابة او عدم تحقق اي منها، حيث يمكن الوقوف بشكل واضح على تحققها من عدمه بحكم المواقف الموحدة للكتل وانسجام نوابها.
اما ما نشهده الآن من أداء غير متزن للدورة النيابية الخامسة الحالية، بعد انسحاب الكتلة الصدرية، فسببه غياب توازن الكتل وعدم انسجام النواب في المواقف، لنشهد تمرير تشريعات بطرق مبتكرة كالتصويت الواحد على اكثر من تشريع وفشل تحقق النصاب القانوني لعقد الكثير من الجلسات، وتداعيات بتمرير قوانين دون اغلبية قانونية.
وذات التشظي انسحب على الاداء الحكومي التي وجدت في ضعف البرلمان فرصة للقفز على صلاحيات البرلمان التشريعية بعد ان اطمئنت من عدم قدرته من اداء دوره الرقابي عليها.