مشروع تحرير العراق من إيران… تحوّلات دبلوماسية أم جولة جديدة من العبث؟

بقلم/ صفاء الشمري
في ظل حالة الصمت المريب الذي تهيمن عليه الأوساط الحكومية العراقية، يبدو أن العراق يعيش بين مطرقة التحولات الإقليمية وسندان التأثيرات الدولية التي لا تنتهي.
آخر ما قدمته لنا السياسة الأمريكية كان مشروع “قانون تحرير العراق من إيران”، الذي أعلن عنه عضوان جمهوريان في الكونغرس الأميركي: جو ويلسون وجيمي بانيتا.
الفكرة بسيطة، لكنها غريبة في نفس الوقت؛ تقليص نفوذ طهران في العراق، وكأن هذا ليس جزءاً من سلسلة من القرارات الملتبسة التي غالباً ما تمرّ على طاولة البرلمان العراقي.
لا شك أن المشروع يتسم بحيوية نادرة في السياسات الأميركية تجاه العراق، ويتضمن بعض النقاط المثيرة للاهتمام: حلّ الميليشيات الإيرانية (بالتأكيد الحشد الشعبي في مقدمتها)، وقف المساعدات الأمنية الأميركية، دعم المجتمع المدني العراقي، وكشف الجرائم عبر الإعلام الأميركي. ولكن كيف يراه المسؤولون العراقيون؟ ما رد فعلهم على هذا “التحرير” المزعوم؟ ربما الجواب يكمن في تحضير الحكومة لاستقبال الوفد التجاري الأميركي القادم إلى بغداد، حيث تزدحم الجداول الرسمية بزيارات الوفود، التي غالباً ما تتضمن تبادل الابتسامات وصور التذكارية، ولكن هل يعكس هذا فعلاً موقف العراق من التدخلات الأجنبية؟
والغريب أن الحكومة العراقية، التي يطلق عليها أحياناً لقب “الناطقة الرسمية باسم طهران” في بعض الأوساط السياسية، لم تكترث لصدمة هذا المشروع على الساحة الدولية. هل يُعقل أن التصريحات الحماسية حول السيادة والمصلحة الوطنية اختفت فجأة من قاموس الحكومة؟ أم أن الطريق إلى طهران ما زال الأقرب، حتى وإن كانت واشنطن تلوح بعصاها في الأفق؟ هذا المشروع، الذي ينظر إليه البعض كقنبلة دبلوماسية، يبدو أنه لن يجد أرضاً خصبة للنقاش داخل البرلمان العراقي، بل ربما يتحول إلى موضوع نقاش خافت في المقاهي السياسية ببغداد.
أما في واشنطن، فإن هذا المشروع يبدو كأنه “مهمة نبيلة” للكونغرس الأميركي، ولكن هل يمتلك الأميركيون نفس العزم لمتابعة هذا الملف بعد الجولات المكوكية للوفود العراقية التي تنتظر كل كلمة أمريكية؟ في النهاية، لا نعرف إن كانت حكومة بغداد ستجد وقتاً لمراجعة “التحرير” الأميركي أو ستكتفي بتقديم شايٍ ساخن للوفد التجاري القادم.