تداعيات الحرب الإسرائيلية الفلسطينية على العراق
بقلم ميثم العبادي |..
اذا انت تبحث عن الاجراءات الاحترازية لمواجهة تداعيات الحرب على العراق والمحيط الجغرافي عربيا واقليميا وارتداداته. واقصد هنا طبعا الحرب الاسرائيلية على غزة.
إذا بداية ونحن بصدد البحث سواء على مستوى تداعيات الحرب الاسرائيلية الفلسطينية على العراق والمحيط الجغرافي، أو على مستوى البحث في كيفية مواجهة تداعيات الحرب وارتداداتها، ارى ضرورة التمييز بين الاثر والتأثير والارتداد. فعندما نتحدث عن اثر الحرب فمؤكدا نحن نعني بذلك اثار الحرب داخليا سواء كانت الاثار سياسية ام اقتصادية ام ثقافية ام في البنى التحتية بين طرفي النزاع اي بين الفلسطينيين والجماعات الاسرائيلية في الاراضي العربية المحتلة؛ اما تاثير الحرب فالتأثير هنا بمثابة التداعيات سواء كانت مباشرة ام غير مباشرة وهي بالطبع خارجية اي ضمن محيط البيئة العربية والاقليمية والدولية ولما كان لكل فعل ردة فعل ولكل تحدي استجابة وفقا لارنولد توينبي ونظرية التحدي والاستجابة فمن البديهي ان يكون لكل تداعيات هناك ارتدادات بوصف الاخيرة هي استجابة منطقية لواقع البواعث الخارجية المؤثرة. والناتجة عن واقع العلاقة التفاعلية بين الباعث لأثر الازمة واقصد أزمة الحرب الإسرائيلية على فلسطين [الاهداف الجيوستراتيجية وابعادها الجيوبولتيكية] والمتلقي لهذا الأثر وهو المجتمع العربي في ظل وجود متغيرات وسيطة تتوسط العلاقة بين الباعث للاثر والمتلقي تتمثل بمنظومة القيم الاخلاقية الرافضة للحرب وتداعياتها بوصفها متغيرات ضابطة للأثر وما ينجم عن هذه العلاقات التفاعلية من ارتدادات سواء كانت رسمية ام على مستوى الرد الفعلي وهو ما تبنته (محور المقاومة) في العراق.
وما يعنينا هنا البحث في الاتي:
1/ بيان تداعيات الحرب وهنا اتسائل ترى هل الحرب على غزة فعل ام ردة فعل؟ وهل موقف (المقاومة الاسلامية) في العراق هي تشكل تداعيات الحرب ام هي ارتدادات طبيعية في ظل منظومة القيم الاخلاقية الرافظة للحرب على فلسطين واقصد هنا الاعتبارات القيمية، فالارتدادات هي ردة فعل واستجابة لواقع التحديات أو البواعث الخارجية المؤثرة ومن ثم فأن موقف الجماعات المسلحة في العراق او المقاومة الاسلامية هي استجابة وردة فعل لواقع تداعيات الحرب. ولكن ماذا عن اهداف اسرائيل في بناء وطن قومي من النيل إلى الفرات؟ ماذا عن الأهداف الجيوستراتيجية للحرب وماذا عن ابعادها الجيوبولتيكية؟ ولعمري فان الحرب على غزة واهدافها الجيوستراتيجية وابعادها الجيوبولتيكية هي من يشكل تداعيات وتاثيرات وبواعث، اما المواقف المناهضة فهي ارتدادات منطقية بوصفها استجابة وردة فعل على فعل، إذا كيف نضبط مخرجات هذه العلاقة التفاعلية هل عبر مواجة التداعيات؟ ويبدو ذلك اشبه بفن المستحيل في الزمن المستحيل. ام عبر ضبط الارتدادات والاخير يبدو شبه مستحيل في ظل منظومة القيم المجتمعية واعتباراتها القيمية؟
2/ اما الامر الثاني، فهو كيفية مواجهة تداعيات الحرب عبر اتخاذ اجراءات احترازية لبناء سياسة داخلية، بيد ان بناء سياسة داخلية لمواجهة تداعيات الحرب يقتضي ضرورة الكشف عن الاتي:
1- الكشف عن اسباب واهداف الحرب على غزة، من شأنه يكشف عن حجم التداعيات ومستوى الارتدادات. فهل اهداف اسرائيل تدور ضمن الحدود الجغرافية لفلسطين ام خارجها؟ ثم ماذا يعني توسع جغرافيا الحرب في لبنان واليمن على المستوى السيبراني والعملياتي؟ ما هي الاهداف الجيوستراتيجية للحرب على غزة في ظل مشروع قناة بن غوريون عبر غزة الى البحر الاحمر والاردن وصولا إلى اسرائيل وتركيا الى اوروبا؟ وما هي ابعاد الجيوبولتيكية على العراق ومحيطة الجغرافي العربي والاقليمي؟ ثم هل الحرب على غزة هدف ام غاية؟ واذا افترضنا انها غاية فهذا يعني لا اهداف لبناء دولة قومية وليست هناك اهداف جيوستراتيجية ولا ابعاد جيوبولتيكية للحرب وهذا يجافي الحقيقة وواقع ما تشهده المنطقة في ظل توسع جغرافيا الحرب، اما اذا افترضنا هي هدف فمنطقيا اذا الغاية تكمن في ما وراء الهدف من الخرب اي في الاهداف والابعاد.
2- الانسجام والتوافق ين القرارات والسياسات الحكومية الداخلية والخارجية ومنظومة القيم الاجتماعية واعتباراتها، فالمعيار الاساس لقياس نجاح قرار او رسم سياسة هو مدى الرضا والقبول الجماهيري وهو الذي يضفي صبغة شرعية ومشروعية القرارات والسياسات والعراق بلد ديمقراطي توافقي وهذا يقتضي تحقيق مبدأ التوافق مع منظومة القيم الاخلاقية للمجتمع ليحقق المقبولية والرضا وتضفى مبدأ الشرعية.
عنوما فان اعتماد اجراءات احترازية يقضي بناء سياسة توازن لمواجهة متغيرات عدة:
1- تداعيات الحرب. إذ ان توسع جغرافيا الحرب سيكون مرود سلبي على الاقتصاد العراقي فمن شأنه يعرض امن المضايق (باب المندب وهرمز) لمخاطر جيو عسكرية لها ابعاد جيو اقتصادية ستؤدي الى صعوبة تصدير البترول العراقي.
2- ارتدادات الحرب وكيفية الضبط والسيطرة.
3- اهداف الحرب الجيوستراتيجية وابعادها الجيوبولتيكية.
4- المصلحة الوطنية العليا.
5-الاعتبارات القيمية ومنظومة القيم الأخلاقية للمجتمع العربي.
وعموما فان بناء سياسية داخلية لمواجهة تداعيات الحرب وارتداداتها تقضي التعاطي وفق المستويات الاتية:
١. المستوى الجيو عسكري. يتضمن الاتي:
أ. اعادة نشر القطعات العسكرية العراقية وانفتاحها على المناطق الحدودية المتاخنة لدول الجوار الجغرافي العربي والاقليمي بما يحفظ الامن القومي العراقي ويمنع التسلل من والى.
ب. رفع مستوى الاستعداد القتالي (المستمر والمرفوع والتام).
ج. رفع مستوى الجاهزية على مستوى التدريب والتجهيز والتسليح.
د. رفع مستوى الكفاءة القتالية للجيش العراقي مع العرض ان الاخيرة متأتية من مشارب عدة بعضها يتعلق بمستوى الجاهزية والتدريب والتسليح والاهم هي خبرات تجارب الحروب السابقة.
ه. الاهتمام بالجانب السيبراني الذي من شأنه أن يضفي طابع السيطرة على الاجواء الوطنية العراقية كما يمكن من مواحهة اي تحديات الكترونية ذا طابع سيبراني معادي.
2/ المستوى الجيو اقتصادي. وهذا يقتضي الاتي:
أ. معالجة الاختلالات الهيكلية في بنية المنظومة الاقتصادية بوصفه اقتصاد ريعي احادي الجانب عبر نوع مصادر القطاعات الانتاجية الاخرى وهذا يعزز من الاقتصاد العراقي لتجاوز تقلبات اسعار البترول اوقات الازمات والحروب.
ب. ضرورة انجاز مشروع ميناء البصرة من شأنه ان يواجة التداعيات الجيوستراتيجية لقناة بن غوريون وابعادها المستقبلية للسيطرة على الملاحة وتداعياتها الجيو سياسية.
ج. تنوع مسارات ومصادر تصدير النفط العراقي لاسيما في ظل احتمالية توسع جغرافية الحرب لتشمل دول عربية واقليمية وتداعياتها على امن المضايق مما يشكل تحدي للصادرات النفطية العراقية عبر الخليج العربي وهنا تأتي اهمية مشروع خط انابيب بصرة حديثة ليصل الى طراطوس في سوريا وانبوب اخر عبر حديثة الى تركيا والعقبة ومن ثم البحر المتوسط وتركيا فأوروبا، والانبوب الثالث يصل من حديثة الى كركوك ومن ثم تركيا عبر ميناء جيهان.
3/ مستوى التحالفات. هنا نؤكد سياسة الدفاع التي تؤكد ان العقيدة العسكرية العراقية وهي بالطبع امتداد للعقيدة السياسية الشاملة تؤكد ان عقيدتنا دفاعية تعرضية في حدها الاعلى وهذا يعني الابتعاد عن محاور التحالفات وبناء سياسة توازن مع الاطراف كافة خاصة الفاعلة اقليميا ودوليا.